البعض ربما يرى في استعادة ذكرى عاشوراء لها أثر من الحساسيات في الإقليم الإسلامي مما ينتج إثارة بعض سلوكيات الحقد في وقت نحن بحاجة إلى إذابة الأحقاد من القلوب في الواقع الإسلامي، حيث توجد تحديات من الغرب تواجه ترابط الإسلام والمسلمين، فينبغي علينا أن ننسى الأحزان والتعقيدات والحروب من الماضي ونحارب تحديات الغرب في وحدة المسلمين.
إثارة ذكرى عاشوراء كل عام ليس الهدف منها الاقتصاص من الأشخاص الذين صنعوا معركة عاشوراء، فكلهم رحلوا إلى رحاب الله، وليس البكاء والدموع سوف تصل وتحرق الذين قاتلوا الإمام الحسين (ع)، إنما السبب الجوهري هو أن نقطف أزهاراً لها عطر الدروس ونحن نستعرض الماضي من واقعة عاشوراء، حتى نأخذ الفكرة والعبرة والمواقف العظيمة التي وقعت في معركة كربلاء.
ربما بعض الخطباء يركزون على جوانب المأساة والجراح والحزن في واقعة كربلاء ويجعلون منهجية ومواعظ وأهداف المعركة من الفرعيات، وهذا النمط ربما لا يسير في خط آل محمد “عليهم السلام”، حيث كربلاء صنعت دروساً من العبرة وتنمية العقل ليس إلى الشيعة فقط إنما إلى المسلمين، فنحن في مرحلة من الزمن تفرض على الأمة الإسلامية الاتحاد ونسيان أحقاد التاريخ، فجميع مذاهب الإسلام تلتقي في حب الإمام الحسين (ع)، وكبار العلماء في كتب الصحاح ينقلون أن الإمام الحسن والحسين “عليهما السلام” سيدا شباب أهل الجنة، فينبغي أن نستعرض الدروس والعبر من واقعة كربلاء بطريقة تجعل العالم الإسلامي يحب الإمام الحسين (ع) وليس بطريقة منفرة حين تنشر نهج الحسين (ع).
عاشوراء تشكل بوصلة تتجه إلى الإصلاح والمنفعة الاجتماعية وليس المنفعة الفردية، مما كتبه ابن الأعثم في الفتوح والمجلسي في البحار عن وصية الإمام الحسين (ع) إلى أخيه ابن الحنفية: “إني لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر”، من النصوص الكربلائية يوضح أن منهجية الإمام الحسين (ع) تسير في نفس منهج جده النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو الدعاء للعدل وللسلام وإصلاح المجتمع.