لم أكن لأكتب لنفسي خطاب الحياة دونك

بحثت عن أحرف ثلاث فوجدتها محفورة بقلبي فقد كنت أأنس بلقياك في حروفك ومحياك اجتذب من خلالها ألفاظ الحياة وأمل الدنيا لأجل أن نعيش باسمك وكلماتك بين جروح وألم وسعادة وسقم، فباهلنا الدنيا باسم عدالتك وبنينا أسطحًا عالية لأجل الوصول إليك حتى بلغنا قمة الأمل وعمق الحياة لأنها لا تتسم بالحلو دونك ولا تتسم بالمر معك.

أينها تلك الرحلة العظيمة التي بلغت بها سماوات علا وأرضًا شامخة بجبال لا يطالها علو إلا علوك، ولا ينحدر منها سيل الخير إلا بك، فكنت الأعظم لكل من باهلك والأسمى لكل من دنا منك والأكمل لكل من قصدك.

فطال القصير بك وقصر الطويل دونك، وزعم الحديث من ناواك، وصدق القول من والاك، وعز من حملك، وذل من تركك، وشدته الدنيا من عاداك، وربح الأخرى من أحبك.
أكتب لنفسي خطابًا عز خطه قلم الرحمن وأعلنه نبي الرحمة، معلنًا أن اليدين العاليتين تشدهما ملائكة السماء ويكتب بأحرفها ألفاظ الولاية لأجل أن تسمو البشرية بقربك ولن تتبختر في سيرها دون مسيرك.

أرفع يدي بحروفك وأنصب رأسي لعزك وأتفوه حروفًا غامقة شامخة لا يهجيها إلا اسمك فأعيدها على قلبي وأتلفظها بأعماق نفسي وأتوجه بها إلى ربي فأقول بنبيك نبي الرحمة وهارونها إلا أنه لا نبي بعده.

فإن علونا كنا بك وإن هبطنا فقد نسينا متاعنا على شواطئ يجرها الزبد الزائل جرًا وإن مررنا على برد الماء وحرارة التراب، فإن يلهج باسمك شربنا منه عذبًا ومررنا عليه بردًا ويسير بنا طوفان السيل وأعاصير الرياح وكأنهم نسيم جنان ما دمت ترخي بظلك على رؤوسنا ونتفيأ بعظمة وجودك نورًا وافتخارًا.

كتبت على ثوبين أبيضين اسمك وأعلم أن التراب لا يقرضها لأن أباها حبرها بحروفه الشامخة، وكيف يأكلنا التراب ونحن نوالي أباه أو يعصرنا الطين ونحن من طينتك أو ننتظر على ساحات جنانه وأنت بابها.
يا من يلي لحدي، وسدني تراب حسين ولقني اسم محمد وعلي وفاطمة وحسن والتسعة الطاهرين المعصومين فإن بهم نجاتي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

وبولايتك تقفل سنتنا أنوارًا ليبزغ نور حسين وإن غطت الدنيا سود الثياب فتحتها حكاية كربلاء.


error: المحتوي محمي