ذات فجر كان قلبي يرجف وأنا ألمح عقارب الساعة، آملة أن أختزل الوقت كي أهدأ من الحلم المزعج الذي بات مكررًا، ساءني تعبير الرؤيا أكثر مما أرّقني الحلم ذاته، ذلك الحلم الذي ظل يتكرر طيلة ثلاث ليالٍ أمام عيني يظهر ويختفي، وكان هذا منذ سنوات طويلة ولعلني قد نسيته مع كثرة المشاغل والأحداث، ولكن عاد لي نفس الحلم ثانية من جديد، وهنا تحول لكابوس، استيقظت من نومي منزعجة ومتسائلة ما الأمر! ألمح ذلك الشخص وهو في أصعب مكان وهو يطالعني بوجهه الهالك الذي غيّبه الموت، ولماذا هو بالذات ومن يكون وكان يجري حد اللهاث، وبعدها يسقط على الأرض وقد خارت قوته، ولم يا ترى أصابعه الأربعة مبتورة ككل مرة ونصف عينيه مغمضة ومرتديًا ثوبًا باليًا ومقطعًا وفجأة يلوذ بالفرار، وأنا ألاحقه بنظراتي الحائرة إلى أن اختفى، وأعيش بعده لحظات من الفزع والقلق لا أعلم تفسيره!! ترى أهي الشفقة أم التشفي وقد أوحي إليَّ مظهره أنه ذاق جزاءه، أم الرغبة بمعرفة ما إذا كان ندم من ظلمه وطغيانه؟؟
وماذا لو صدق تفسيري الشخصي لتلك الرؤيا والتي اعتبرتها غير محمودة! ولقد وصفت الحلم بصدق وبعفوية حاضرة بلا شك، ولقد عشت هذا الحلم الكابوس فعلًا بكل تفاصيله! وليتني أتجرأ لأفشي سر ذلك الحلم المزعج لما فيه من التصريح والتلميح والبوح، ولكن قد لا يسر البعض من معارف الشخص الذي يزورني بالحلم! رغم أنني هممت أن أسأل ذلك الشخص بآخر الحلم ما هذا! لكن المنبه رنّ ليعلن أن الصبح قد أضاء ولم يبق من ذلك الحلم سوى صدى الشخص وهو على حالته المزرية، وأنا أردد في داخلي سبحانك ربي كم أنت عادل! سأحتفظ بذلك في قرار مكين من روحي الأمارة بالصون.
تمنيت أن أغمض عيني ثانية لأعيش حلمًا ورديًا، لأبوح بما يختلج في صدري لمن استأنس بهم حبًا دون تحفظ، فما من شيء يروي غلة الحالمين بلقطة تكفي العمر كله ولن أزيد.