عقولكم أمانة

أصغر البشر عقولًا هم الحاكمون على الناس من خلال الناس فقط، مجمدين آراءهم، وتجاربهم، واستقراءاتهم اعتمادًا على نقولات الآخرين.

القناعات المكتسبة من أفواه الآخرين دون تمحيص أو غربلة؛ تعكس ضحالة عقول أصحابها، وانعدام شخصياتهم، وعبثية وجودهم في الحياة.

إن أثمن الهبات السماوية للإنسان هي العقول لأنها المحك الحقيقي للناس، فإن جُمّدت أُهدرت أقدس الملكات الإنسانية (العقول)، وبالتالي نكون كالذين أخذوا القرآن وتركوه في بيوتهم مهجورًا.

عقلك قرآنك فإن قرأته وعملت بما فيه فزت بالدارين، وإن أضعته أضعت رسالتك في الحياة جملة وتفصيلًا.

لا شك أن التأثير في الآخرين والتأثر بهم مطلوب، ولكن في الحدود العقلانية المنطقية التي لا تلغي بها عقلك أو تفكيرك الشخصي.

أما الفاتورة المسبقة الدفع عن الناس من خلال نقولات الآخرين ودون غربلة، أو توثق، أو استقصاء، أو تجربة فما هو إلا جهل مركب وبأعلى المقاييس.

لا تدع من نفسك نسخة كربونية من سواك، ولا تغفل جوانبك العقلية، وقراءاتك، واستشرافاتك.

أحبتي…

ثقوا بأنفسكم، واحكموا على الناس من خلالكم أولًا، وثانيًا، وثالثًا، وأخيرًا ثم من خلال الآخرين، ولا فرق في الآخرين بين الثقاة لديكم وعدم الثقاة إذا بلغ كلامهم حد الحجة دون برهان.

كونوا أصولًا راسخة متبوعة، لا فروعًا تابعة، وأثبتوا أنفسكم وعقولكم وثقافاتكم وقراءاتكم لذواتكم أولًا، ثم للآخرين لتصبحوا رجالًا بما تحمل الكلمة من أبعاد، ولا تهمشوا أنفسكم وعقولكم فتصبحوا قشًا لا وزن له تحركه الريح أنّى شاءت، فأنتم رجال لا أشباه رجال.

عقولكم أمانة فصونوها، وأدّوا حقها، وأعملوها لتكون صفحتكم المشرقة يوم الورود.


error: المحتوي محمي