مع القوم يا شقرا.. الفهم للموقف!

تُعدّ الأمثال الشعبية حصاد التجربة الحية في حياة الشعوب، تعكس الثقافة الفكرية لحقبة زمنية معينة، وهي مؤشر لفهم بعض المواقف التي تمضي مع ركب البشر في اختلاف أزمنتهم.

مع الخيل يا شقرا أو مع القوم يا شقرا.

مثل دارج بين ثنايا أحداث الحياة ولكن مع الأسف الشديد يُضرب في أحلك المواقف انتزاعًا للجمال الإنساني الذي عدّه الله تعالى آية عظيمة {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}.

إن من أسوأ درجات الخلق المذموم الذوبان بمهنية عجيبة في أفكار الآخرين والتسلق فوق جدران مقتنياتهم لتقليدهم تقليدًا ينعكس سلبًا على الحياة ويؤطر البعض في {إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا}.

نراه يتحدث بلسان الغير ويتقلّب في حركات غيره أو ربما يأكل طعامًا لا يناسب عمره الزمني، مُسقطًا حقه الشرعي أن تكون له نافذة خاصة يطلّ على الناس من خلالها.

والجدير بالذكر أن أصحاب الشخصيات المؤثرة لهم صورتهم الخاصة؛ حتى يتمكّنوا من النجاح في التأثير على الطرف الآخر المتأثر بهم فيعيشوا عالمًا من التفاعل المشترك.

ومن أغرب قصص الطلاق يرويها أحدهم فيقول: “أصبحت زوجتي تقلدني وتوافقني في كل شيء في ضحكاتي، وحركاتي، وسكوني فشعرت بضرورة الانفصال عنها”.

من جهة أخرى، يُعدُّ التقليد الأعمى دافعًا قويّا لغربلة التوافق الأسري وهدم مكنوناته القيّمة خاصة مع وجود وسائل التواصل المكشوفة على العيان، وعرض التفاصيل المهمة في حياة الناس مما يستدعي محاكاة البعض دون اقتناع والسير بائْتِمَامهم على غرار “مع الخيل يا شقرا”، حتى وإن كلفهم هذا الاحْتِذاء فوق ما يطيقون وإن خسروا بعضهم بعضًا بالرغم من وضوح الطريق، والخسارة التي يتكبدونها نتيجة المسالك الخاطئة.

قال تعالى: {قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَٰؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَٰكِن لَّا تَعْلَمُونَ}.

ويظل الإمعة شخصًا يُتاجر بكلمته ويبيعها للأقوى، لا يثبت على رأي، يصفق مع الناس وينعق بلا تثمين للكلمة.

إن من أجمل لحظات الحياة أن تكسر قيود الإمعة بداخلك، تعبّر عن رأيك حتى وإن كان مخالفًا للرأي الآخر، وتبتعد عن الذوبان في أفكار الآخرين.

‏لأنه وفي يوم ما سيحترم الآخرون بصمتك الخاصة مثل دور الأزياء ذات البصمة العالمية.

ورد عن عبد الله بن مسعود أنه قال: “ليوطنن المرء نفسه على أنه إن كفر من في الأرض جميعًا، لم يكفر”.


error: المحتوي محمي