مطالبُ البسطاءِ في العيد

أنا في كلِّ عيدٍ أتمنى أن يكونَ يوم عيدك وكل أيامكَ “أنت” أبيضَ من القطنِ وأبردَ من الثلجِ وأعطرَ من زهرةِ البنفسج. نحن كلنا صدورنا مفعمةٌ بحبِّ الحياةِ ونستحق أجملَ ما فيها. سامحني لأنني لم أستطعْ كتابةَ باقي الأماني في العلن، لم يكفِ لها المداد، لم يتسع لها الورق، ولم يحصها المقال. لكنك لو أطفأتَ ضوءَ المصباحِ وأغمضتَ عينيكَ في عتمةِ ليلةِ العيد سوف ترى وتقرأ الأماني الباقيات.

وفي كلِّ عيدٍ أكرر نفسَ المطالب؛ لأنني ما زلتُ طفلاً كبيراً أكتبُ الأماني وتنام الكلماتُ تحت مخدتي. إن كنتَ قرأتَ أمنياتي في عيدِ الفطرِ وأضجرتكَ الآنَ فهذا يعني أنك إنسانٌ تشاركني في كتابتها وإيصالها نحو الله الذي لا يبرمه إلحاحُ الملحينَ ويفرح بكثرةِ المطالبِ وتكرارها ولا شكَّ أنه سوف يحققها متى ما أردناها كلنا!

بسيطةٌ تظن؟ ربما، لأنني بسيطٌ ومطالبي بقدري. هذه هي المطالب، جلستُ وكتبتها بعيد اختفاء لون الشفق الأحمر هذا اليوم: رباه أسكت كلَّ البنادق، رباه ساعدنا في نقلِ الأحجارِ وردم كل الخنادق. لا صوتَ يومَ العيدِ يصم آذانَ من فوق الثرى إلا صوت “الله أكبر” وصوت القاصدينَ في “لبيك” يصدح في الحناجر. في حفلةِ الصمتِ لا نسمع إلا همسَ العاشقينَ والصغار يلهونَ في الحدائق. لا يمسح الطفل بطنه من ألمِ الجوعِ بل سرعان ما يزهو في حذائهِ الجديدِ قائلاً: لك الحمدُ “يا رب” أنا شبعان!

يأتي فجرُ يومٍ تتكامل فيه البشرية وتصبح كل الأماني الخيرة المكتوبة والمجهولة حقائق، يحضر في يومِ التكامل من غابَ ويشبع فيه من جاع، وتسكن فيه آلامُ كل الجراحات، وحتى يأتي ذلك اليوم، شيء واحدٌ مؤكد أنَّ علينا أن نتلو أمانينا كلَّ ليلةٍ ونستيقظ كل صباحٍ نطلب من الله أن يعلمنا ويعيننا كيف تصبح تلك الأماني حقائق.

في صحراءِ الحياةِ تنقلنا أيامُ الأعياد إلى جُزر وملاجئ الأمل، فإذا تحققت مطالبنا أضفنا غيرها، وإذا لم تتحقق أنا وأنت حملناها معاً لتوصلنا أصحاءَ إلى الغدِ الذي تتحقق فيه كل أحلام اليوم. وعندما يأتي العيدُ من جديدٍ أنا أكتب لك عن أماني وآمال جديدة، آمال سوف أدونها وأنميها وأسقيهَا من رحيقِ الساعاتِ من الآن، فهلا انتظرتني!


error: المحتوي محمي