كشف رئيس جماعة الخط العربي بالقطيف الخطاط علي السواري عن تفاصيل رحلته الخطية، والتي منحته الإجازة في خط النسخ والثلث، من الخطاط التركي داوود بكتاش، بعد تسع سنوات من الأسفار والكتابة والتصحيح والمحاولة.
وكان السواري قد بدأ رحلته في عام 1430هـ، ليكون من الأوائل الحاصلين على الإجازة الخطية في المنطقة والقلائل في المملكة، إذ لم تكن وليدة اللحظة بل كانت مشوارًا يقوده الطموح والتعب والترحال، والصبر، حيث منح شهادات وثقت من المعلم بكتاش لتمكنه من مهارات خطية وكتابة الخط العربي بمهارات فائقة.
ومنح الرخصة بعد أن أنهى تحصيل أصول وقواعد الخط، مما يدل على تطور فن الخط لديه ضمن أصول ثابتة وراسخة، والذي جعله يبلغ بها منزلة الشهادة العلمية على بلوغه تعلم الخط بمرتبة الإجادة المرضية لدى خطاط معلم يمنحه خط حق كتابة اسمه الفني تحت ما يكتب من الخط والتوقيع عليه.
وجاء حديث السواري عن مشواره في الإجازة، ضمن فعاليات المعرض الخامس لجماعة الخط العربي بنادي الفنون التابعة للجنة التنمية الاجتماعية بالقطيف “همس القلم” بمقر جمعية القطيف الخيرية، يوم الأربعاء 28 ذو القعدة 1440هـ.
وأوضح السواري كيف انطلق في تجربته الشخصية بدءًا بالملاحظة والتعلم الذاتي، والتعرف عليه، ثم تأسيس جماعة الخط التي عرفت بالتماسك إلى هذا اليوم، بمشاركة مجموعة من خطاطي محافظة القطيف، وإبراز دورها في المجتمع عبر الأنشطة سواء بتنفيذ المعسكرات أو التدريب على الكتابات بالقصبة والحبر على الورق.
وذكر أن أولى رحلاته الخطية التي بدأت عام 1430هـ، بعد التشجيع والدعم من المحيطين، كانت لتعلم الخط برفقة الخطاطين حسن آل رضوان وأحمد المشهد، في رحلة إلى تركيا، وقد وصفها بأنها كانت رحلة صعبة من نوعها؛ كون تركيا تُعد من البلدان التي لا يعرفون مداخلها ولا مخارجها، ولا حتى لغتها.
وأضاف أنه أخذ تعلم الحروف الأبجدية مدخلًا، ومن ثم الانتقال إلى الكلمات والجمل والنصوص، ولمس خلال الرحلة مدى طيبة الخطاط بكتاش الذي اتسم بصدره الرحب مع تكرار الدروس، مع أنه لا يتحدث اللغة العربية بل كان يكتبها فقط، حيث كانوا يستعينون بالمترجم المرافق لهم محمد أنس.
وأشار إلى عدد الساعات كان يصل إلى 5 – 6 ساعات في اليوم الواحد، وكانت تمتزج بين التعلم والتصحيح، الذي إذا زاد بين كلمات النص كان دليلًا على اهتمام الخطاط المعلم، مع تضمن الشروحات حركة القصبة والانتقال بين الحروف أو الكلمات، مع الأخذ بالخبرة التي يمتلكها الخطاط عند تقييمه.
ونوه بأنه بعد رجوعه إلى الوطن من الرحلة واصل تبادل المراسلات مع الخطاط، أو تكرار السفر بطلب منه، حيث كانت كل شهرين أو ثلاثة، بمجموع 14 زيارةً إلى تركيا، ملفتًا إلى أنه مع تكرار التصحيح والإلحاح والانتظار لم تكن الإجازة هي المبتغى بقدر ما كان التعلم هو المحرك له، كما أن كتابة الخطاط كلمة “جميل” باللون الأحمر بعد التصحيح كانت تعطي انطباعًا بأنه وصل إلى مستوى مرضي.
وأشار في حديثه إلى أن رحلته إلى تركيا كان لها جانب سياحي خصب في زيارة المقابر أو الأماكن التراثية التي تحتوي على الشواهد الخطية، حيث كانت توحي لهم الجولات في المقابر بالمشي في حديقة غناء.
ولم تقتصر رحلاته على تركيا فقط بل اتجه إلى تصحيح كتابته في دبي والمدينة والكويت، حتى إن كان بالمراسلات، الذي أوجد عنده متعة من خلال الإنجاز الذي خرج من أفكاره.
وحول سبب اختياره الخطاط بكتاش ليكون معلمًا له؟ أجاب بأنه يجب عند اختيار المعلم الخطاط أن يكون قويًا وفذًا ومتمكنًا، مع تميزه بإنتاج اللوحات الجميلة، التي تعكس حسن الهادى وإبداعه، وكذلك سيرته المتقدمة، مضيفًا أنه يعجبه من خلال تكوينه للوحات وإنتاجه لها.
من جانبه، اختتم الخطاط حسن الزاهر اللقاء بتكريم الخطاط السواري من جماعة الخط العربي بالقطيف، مع تقديم كلمة خاصة وصفه فيها بالأعجوبة في الطموح، ومن أوائل من حصلوا على الإجازة في المنطقة والقلائل في المملكة، ذاكرًا أنه يعمل موظفًا في عمل شاق جدًا ومع ذلك يراه الجميع وفي عينيه التعب ويصر على الكتابة والتمارين.
واعتبر الخطاط نافع تحيفا السواري مثال المكافح وسط الظروف الصعبة الأسرية والمادية والاجتماعية؛ رجل نحت الصخر في تحمل الصعاب، وإذا أراد شيئًا حصل عليه، وأن الإجازة كان لها ثمن من التضحيات وسط التزامات كثيرة.
وأكد تحيفا أنه مثقفًا يقرأ في الأدب وعلم النفس والاجتماع وأي تخصص، مبديًا استغرابه بقوله: “من أين يأتي بهذا الوقت” معربًا عن فخره به كونه صديقه وله الشرف في التعرف عليه.