
ما أن يبدأ القيظ بلفحات شمسه الحارقة حتى تتجرد موائد الغذاء من غثها وسمينها، وتعود إلى أصل بساطتها، وما أنتجته طبيعتها الخضراء وسواحلها الغنية من “سمك، وأرز أبيض مشخـول، وليمون أخضر، ورويد وجرجير، وبصل أبيض، ودهن، وجح، ورطـب”.
هذه باختصار قصة مائدة صيفية تتوالى حروفها جيـلاً بعد جيل؛ فعندما تعبق في الأزقة الضيقة رائحة السمك، تزيد لدى المارة والجيران من اشتهاء تناوله خاصة المشوي مِنْه؛ كالميد مثلاً.
العارفون بالبحر
“بيت فلان غداهم صويفي مشوي”.. “أما بيت فلان فغداهم ميد”، والمثير للدهشة أن كبار السن والعارفين بالبحر وكنوزه في تلك الأزقة يستطيعون تمييز أنواع السمك بمجرد شم رائحته، حتى لو كانت تلك الأسماك مبهّرة جيداً، ومتبلة بأنواع التوابل الهندية الفاخرة.
ويعد فصل الصيف من أهم مواسم صيد الأسماك الصغيرة كـ”الميد، والصافي والعريضي، والسبيطي، والشعوم، والقرقفان، والبدح، والحياسين ولجنم والخوفع والمزيزي والبزيمي، والتي غالباً ما تستخدم وسيلة الغزول في اصطيادها، كما يقول كبير الصيادين في القطيف الحاج رضا الفردان.
فتش عن المحلية
ويبين الفردان أن هذه الأسماك محلية تصطاد من مياه الخليج العربي وتتواجد بكثرة على الساحل، وهي مرغوبة جداً عند بعض الناس، مشيراً إلى أن موسمها مرتبط بموسم نضوج أول طلعة للرطب.
ويوضّح رضا الفردان لـ«القطيف اليوم» أن سبب إقبال الناس على تناول هذه الأسماك الصغيرة في فصل الصيف يعود إلى طعمها اللذيذ، فضلاً عن أن لحمها سمين وغني بالطراوة، ويرجع ذلك للمنطقة التي تعيش فيها، حيث إنها أسماك ساحلية، وجميع الأسماك الساحلية تتصف بهذه السمة.
أسعار مرتفعة
وعن سبب ارتفاع أسعار هذه الأسماك في فصل الصيف؛ يقول كبير الصيادين: “إن السبب يعود إلى الرياح الشديدة التي توقف تصريح الصيد ونزول البحر، فتوقف السفن فيقل العرض، ويرتفع السعر”.
الأسماك الكبيرة
وبالنسبة للأسماك الكبيرة يلفت الفردان إلى أنها موجودة طوال العام كالكنعد والهامور، والشعري، والسمان، وهي من الأنواع التي تعيش بعيداً عن الساحل حيث إن البحر أكثر عمقاً، لكن بعض الناس تفضل أكلها في فصل الشتاء لما تمتاز به من طعم لذيذ وسمين.
لا للمستوردة
وبين الحاج رضا الفردان أن أهل المنطقة عادة ما يفضلون شراء السمك المحلي، ونادراً جداً ما تجد من يفضل شراء السمك المستورد، على عكس الوافدين الذين يقبلون على شراء المستورد لرخص سعره.
الصويفي
ومع بزوغ شهر أغسطس يبدأ موسم صيد الروبيان الذي تم حظر اصطياده ستة أشهر، وكثيراً ما يرافق صيد الروبيان أسماك صغيرة مختلفة من أهمها الصويفي، هو صغير سمك الصافي، والذي يُعدّ صيداً جانبياً، وهو من أشهى الأسماك في الخليج العربي، وهو سمك مرغوب جدًا، ويتميز بلحمه الشهي والخفيف، وهو لذيذ جدًا سواء تم طهوه مشوياً أو مقلياً، كما اعتاد سكان الخليج العربي أن يقدموه بجانب الأرز.
قيمة مضافة
ولسمك الصويفي قيمة اقتصادية عالية كونه من أشهر أنواع الأسماك ومن أكثرها طلباً ويفضل شراء الصافي متوسط الحجم، بمقدار كف أو أكبر قليلًا. وسعره متفاوت ويعتمد على مصدر صيده.
غذاء خاص
وتكثر أسماك الصويفي في الخليج العربي، وهي من أكثر الأسماك التي تؤكل عند أهل الخليج، وتفضل العيش عند الصخور، وهي من عائلة (سيجانيدي) وأقصى الطول الكلي لها 30 سم، وتتغذى على النباتات البحرية والأعشاب وأنواع مختلفة من الطحالب البحرية، ولها شوكة حادة متجهة إلى الأمام تقع أمام الزعنفة الظهرية، وتصطاد بواسطة القراقير والسنارة والدفار، كما تعد من الأسماك النظيفة فهي تتغذى على العشب.