ديون الأندية.. وطريقة الخلاص

تشكل الديون العبء الأكبر على العديد من الأندية الرياضية لدينا، وخاصة تلك القليلة الدخل والشحيحة الدعم، وذلك نتيجة تراكم الاستحقاقات المالية الناتجة عن المتطلبات والمستلزمات التي يفرضها الواقع المأزوم الذي تعيشه إداراتها نتيجة عدم العمل من خلال منهجية مدروسة تحتمها الظروف والعوامل المحيطة التي تفرزها حقيقة الأوضاع الصعبة فيها.

إن نظرة واحدة لهذه الأندية تثير الشفقة حقًا، وتبعث على الاستغراب، وهي وبإرادتها تمعن في سلوك طريق المغامرة والذي تظن أن لا مفر منه، لأنها بكل بساطة تجهل أو تتجاهل طريقة الخلاص.

وتختلف نوعية هذه الديون بين استحقاقات خارجية مطلوبة لجهات تتعامل معها الأندية، إضافة لمديونيات فرضها الواقع فاضطرت معه كل إدارة جديدة لإدانة النادي من قبل أعضائها على شكل سُلف مستردة لاحقًا، إضافة أيضاً لبعض الديون التي ربما تكون لأفراد قريبين من النادي هم في الأصل داعمون أو دائنون.

نحن نقترح على هذه الأندية أن تعيش الحقيقة، وتقر بعدم قدرتها الوفاء بمتطلبات فرقها الرياضية كاملة، وفي نفس الوقت عدم المكابرة والاتكاء على من تلتمس منهم الدعم، وهم يعدون أصلاً على الأصابع ولا يمكنهم الوفاء بما تطلبه هذه الأندية، ولا بتكرار الدعم في كل مرة تحتاجهم وإن كانوا قادرين.

لهذا نقول ونحن على أبواب موسم جديد: إن على هذه الأندية غربلة أنشطتها الرياضية، وأن تدرس بجدية الاستغناء عن بعض ألعابها التي لا طائل من وجودها، سواء فردية أو جماعية، خاصة غير المنافسة أو العاجزة أصلاً عن ذلك رغم ما يبذل لها وعليها من أموالٍ يمكن الاستفادة منها في مناحٍ أخرى، أو استثمارها لتشكل لاحقاً عائداً مادياً يساعد هذا النادي أو ذاك معنوياً، وربما ينتج عن ذلك وفرة مادية تساعد خلال فترة معينة على وضع إستراتيجيات مستقبلية طموحة.

كل ذلك لن يتأتى دون دراسات جدية ووافية للخروج من مآزق الديون المتراكمة، هذا البعبع المخيف والصادم لكل متطلع للعمل في الأندية، ويتراجع خوف الوقوع في المأزق. لذا وببساطة ما على هذه الأندية سوى جدولة هذه الديون والوفاء بها حسب أولوية دورية وزمنية شيئاً فشيئاً وبنسب عادلة، بغض النظر عن مستحقات أي إدارة قائمة وقادمة، فليس من العدل ولا الإنصاف أن تقوم كل إدارة بإدانة ناديها، ثم تستخلص هذه الديون خلال فترة وجودها، فلا تنتهي فترتها الرسمية إلا وقد استوفت جميع مستحقاتها من خزينة ناديها، والخوف كل الخوف أن تكون من أموال الدعم والتي ربما توقعها في حرجٍ شرعي، متجاهلة الأموال الأخرى التي قدمها أعضاء إدارات سابقة، أو أفراد ومؤسسات طال الزمن عليهم دون استرجاع حقوقهم، وربما نجد أن الذي قدمه أولئك أضعاف ما قدمه من أتى بعدهم؛ لذا فمن الإنصاف أن تسترد الحقوق أولاً بأول حسب الأحقية حتى تستوفى جميعها خلال فترة زمنية مدروسة تكون ملزمة لجميع الإدارات المتعاقبة وذلك باستقطاع نسب محددة من الأموال التي تتوفر رسمياً للأندية حتى لو كانت لا تفي بالمتطلبات كاملة ، ولكن ما لا يدرك كله، لا يترك جله.

تحتاج هذه الأندية للجرأة في اتخاذ قرارات قوية، مثلما تحتاج لأشخاص نافذين في مجتمعهم، وكذلك متمكنين وقادرين على الصمود والتضحية والبذل، وأيضاً العمل بجدية على إيجاد مصادر للأموال من خلال التفكير في طرق للاستثمار وإن كان عن طريق القليل المدخر، فالعقول هي التي تجلب المال وليس العكس، وقد شاهدنا جرأة بعض الأندية في التخلي مؤقتاً عن بعض طموحاتها وهي التي تنافس موسمياً في بعض الألعاب، فقط من أجل أن تصحح مسارها، وتفي بالتزاماتها للآخرين. وغير ذلك سوف تفتقد المصداقية وإن وجدت في بادئ الأمر، وستتزعزع الثقة في أي إدارة همها أن تنجو بنفسها في نهاية المطاف دون أي اعتبار لوضع النادي، أي نادٍ، والذي وجد أصلاً لخدمة شباب المجتمع جميعاً.


error: المحتوي محمي