الوقوف في وجه العاصفة ليس حلًا، بل البعد عن المشاكل والسلبية والضغوط النفسية هو الحل اللامتناهي للنفس الآمنة المحبة للسلام..
طالما اشمأزتْ نفسي من القيل والقال والمشاكل المفتعلة لأتفه الأسباب، والمواقف المنحازة..
لذا أغلقتُ باب داري.. ولا أفتحه إلا لمن يريد الهدوء والسلام..
هكذا تكلمتْ فاطمة لزميلتها في العمل بطريق غير مباشر، للفت نظرها، بما تستحدثه كل صباح بين زميلاتها في افتعال الأقاويل والمشاكل!
ثم أكملت: ولكي يكون الإنسان محبوبًا من الله أولًا عليه أن يحب خلقهِ ويعاملهم بالحسنى، لكي يكسب رضا الله ومحبته، وإذا لم يستطع لا هذا ولا ذاك، فليتجنب قدر إمكانه من الكلام، وليتخذ الصمت له وسيلة، والصمت ليس وسيلة الضعفاء، بل وسيلة ناجعة في احتواء الآخر أمامه إذا كان كريمًا، وإذلالٍ الآخر إن كان لئيمًا!
فما كان منها إلا إن اقتربت من فاطمة أكثر وبكت بكاءً، وعندما هدأت نفسيتها قالت خجلة: أعلم أن الكل يكرهني في العمل، ويتمتم من ورائي، لكن لأني لم أجد الصديق المخلص الصدوق في كلامه وتعامله معي، لقد كنتُ صديقة وفيّة محبة، حتى صدمتني بكذبها وافتراءتها، وأنانيتها!، وانعدمت لدي الثقة في الآخرين.. حتى ابتعدتُ عن الناس، وعن المقربين مني، وبديت أكثر جدية وحدة في التعامل، وأكيل الأمر بمكيالين! وتكونت لدي قناعة بأن معظم العلاقات البشرية مصالح، وليست اختلافات بشرية وآراء متفرقة، وأصبح الفرد منا يمتثل بمقولة، “إذا لم تكن معي فأنت إذًا ضدي”!
مسكت فاطمة يدها وضغطت عليها قائلة: أصابع كفيك ليست متساوية، فهل خلَّق الله (عز وجل) الخلق بالتساوي؟! كل شيء في الكون له حكمة ومسار، فما حدث لكِ وآلمك وأسخطكِ من الناس، وضَعكِ في طريقي، قد نكمل الحياة معًا بصداقة رائعة ومحبة مخلصة فيها أُنسٌ ومودة صادقة بيننا، ورضا الله (عز وجل)..