لطالما كان في اختيار الأسماء وتسمية الناس بأسمائهم علل وأسباب، تارة حبًا في شخص يحمل ذات الاسم وتارة تفاؤلًا بمعنى الاسم وأحيانًا تخليدًا لذكرى معينة، وقد كنت دومًا أعتقد أن لكل فرد نصيب من اسمه إن لم يكن ينطبق عليه حقًا بشكل أو بآخر.
ولذلك فقد كان لبعض الأسماء تأثير كبير في حياتي وكنت أتفاءل ببعضها كثيرًا، بل إنني أعشق أحيانًا اسمًا معينًا وأجده مسمى لشخصيات رائعة لها حجمها الكبير في حياتي.
منذ تعلمت كيف أكسب محبة الناس وأكون مقبولة لدى كل من أتعرف عليهم سواء في مواقع العمل المختلفة أم مشاركة في مناسبة اجتماعية، أصبحت أركز على اسم جميل تربع على عرش الصداقة في مسيرتي الاجتماعية.
كان لاسم “أميرة” إيقاع خاص يعزف على قيثارة قلبي. شخصيات متعددة في قطيف الحب والإخاء وخارجها، شخصيات تتباين مواصفاتها وتختلف في توجهاتها، بيد أن الأساس أنها أميرة على من حولها بأخلاقها، بعلمها، بمبادراتها وروحها الجميلة، أميرة بكرمها وبيتها الذي لا تنقطع الزائرات عنه في جميع الأوقات، فليست ممن يشترطون حجز المواعيد أو التكلف في انتظار هدايا ترهق بها ميزانية زوارها حتى وإن كان لمناسبة من المألوف استقبال هدية لها أو استقبال الضيوف بأسلوب يخلو من الحميمية والتودد ويفتقر للبساطة والبهجة بدخول ضيف.
صديقتي أميرة كانت ولا تزال وستبقى تلك الأميرة التي اعتلت قمة هرم علاقاتي الاجتماعية وحظيت بثقتي بمهاراتها في التواصل بدماثة خلقها وابتسامة آسرة تقابل بها كل من تعرف ومن لا تعرف من النساء اللاتي تقابلهن في رحلاتها الإيمانية للأماكن المقدسة وفي مشاركاتها المتعددة في رعاية الأيتام جنبًا إلى جنب مع من أخذ على عاتقه مسؤولية إسعادهم والترفيه عنهم ومساعدتهم على تجاوز أزمة الفقد.
امرأة في أربعينيات عمرها المديد إن شاء الله، شرقية الملامح لكنها تكاد تكون اقرب لتلك الأشكال الهندية التي تأسرك بسحر تضاريس وجهها، بقامة فارعة تعانق النجوم بطموحها، استثنائية بتعاملها مع الظروف الحياتية وضغوطها، تتميز بشخصية جذابة وصمود جعلها قوية لدرجة ترميم انكساراتها مهما تعثرت على ذمة الأقدار الإلهية.
ربما تلاطم قارب حياتها ولعبت به أمواج هائلة لكنها تشبثت بتلك الجواهر الأربعة التي كافحت بكل صمود من أجلهم وغايتها أمام عينيها ألا تفقدهم وأن توصلهم لبر الأمان حتى وجدت ساحلها العامر بكل ما تتمناه من الإحساس بالأمن والاستقرار.
أجدها امرأة قد تكون نقطة جذب وخير مرافق وقائد في سفر، متحدثة لبقة يتقد من عينيها ذكاء حاد لا تخفيه سماكة نظارتها والتي كانت تزداد في سمكها مع زيادة إدمانها للقراءة والاطلاع، فهي تتنفس رائحة الكتب المتناثرة أمامها كل يوم وفي كل زاوية من زوايا حياتها، وهي بسرعة بديهتها تحسن إدارة عواطفها وكسب محبة الجميع واحتواء من يفتقد الاهتمام من الأقربين فتصبح أحيانًا كتلة من الحنان المتدفق.
دمتِ لي أميرة أميراتي ودام عطاؤك في خدمة الأيتام كما قدمتِ منذ التحاقك بمركز “أحباب محمد” لرعاية الأيتام، والتي لم تكن تجربتك الأولى في العمل التطوعي الاجتماعي، وكما أبدعتِ في مشاركتك مؤخرًا في مبادرة “ما نسيناكم” بمستشفى جاما بالخبر (اسطون سابقًا)، والتي استهدفت رؤية إنسانية في رعاية كبار السن وتوقيرهم، فكم كنتِ رائعة ومميزة في رسم الضحكة على وجوههم وكسر حاجز الحرج وجو الوحدة والإحساس بالمرض.
وكم كنتِ وما زلتِ رائعة في احترام مواهب الآخرين ودفعهم لتحقيق طموحاتهم وتشجيعهم لكل ما يحقق لهم إنجازات مميزة.
دام بهاء قلبك الكبير أيتها الأميرة، واسمحي لي أن أقلدك تاج العطاء الذي ليس يضاهيه وسام شرف وإكبار دنيا وآخرة، وتقبل الله أعمالك الإنسانية وأثقل ميزانها بالأجر المضاعف.