لقد عرفنا أن بفهم، تبني وممارسة العادات الثلاث الأولى للناس الأكثر فعالية وهُي المبادرة، تحديد الأهداف، وترتيب الأولويات ينتقل الإنسان من الاعتماد على الآخرين إلى الاستقلال والاعتماد على النفس، وبِفهم، تبني وممارسة العادة الرابعة، الخامسة، والسادسة للناس الأكثر فعالية وهُي السعي ليكون الكل رابح، نَفَهم لنُفهَم، ثم التآزر والتكاتف ينتقل الإنسان تدريجيا من مرحلة الاعتماد على النفس لمرحلة التكاتف والاعتماد المتبادل مع الآخرين. كل تلك العادات تحتاج لصقل وتجديد مع مرور الوقت لبقاء واستمرار الفعالية ويتحقق ذلك عن طريق العادة السابعة والأخيرة من العادات السبع وهي عادة شحذ المنشار، والقصد هنا أي شحذ وتجديد الهمة في أربعة أبعاد مهمة يجب على الإنسان معرفتها والاهتمام بها وهي البعد البدني، البعد الروحي، البعد العقلي، والبعد الاجتماعي.
يتضمن البعد البدني الاهتمام بالجسد والصحة بتناول الغذاء المفيد وبممارسة الرياضة والاسترخاء بانتظام، وهي الأمور التي لا يخصص لها أغلبنا لا الجهد ولا الوقت اللازم بالرغم من أهميتها وذلك فقط لأنها ليست عاجلة لكن سرعان ما نجد أنفسنا منشغلين بها وتستوجب منا الاهتمام العاجل لتحولها لأزمات صحية بسبب الإهمال.
أما البعد الروحي، فيتضمن جوهر الإنسان، قيمه، مبادئه ومدى التزامه بها والتجديد فيه يكون بتغذية الروح بالصلاة، وبالتفكر والتأمل في مخلوقات الله وفي كل شيء حولنا. تحتاج الروح أيضا للإنعاش بأحد أنواع الفنون المختلفة التي تسمو بالنفس كالأدب، الموسيقى، الرسم وغيره. ومن المهم محاولة الإنسان الوصول للهدوء والسلام الداخلي والمُحافظة عليه فهو سلاحنا ضد ضغوط الحياة المُستمرة.
يتجدد البعد العقلي لدينا طالما كُنا منفتحين على الأفكار الجديدة ونغذي عقلنا بالعلم والمعرفة وغالبا ما يكون ذلك في مرحلة الدراسة حيث يجبر الإنسان على القراءة بشكل مستمر حتى إذا ابتعد عن المدرسة توقف عن القراءة ودخل في دائرة الروتين والخدر العقلي والمعرفي وخصوصا بوجود ما يُساعد على ذلك الخدر مثل مُتابعة ما لا ينفع على التلفاز أو الإنترنت. تختلف وتتنوع سبل تجديد البعد العقلي وإنعاشه ما بين الانضمام للصفوف الدراسية أو المبادرة بتثقيف الذات والنهل من مختلف مصادر العلم والمعرفة. ويجب تحدي العقل بالأسئلة لتوسيع مداركه وفتح آفاقه. وكما تساعد القراءة على فهم أفضل فللكتابة أثر بالغ في صفاء العقل وتدريب الإنسان على التعبير عن نفسه بوضوح.
تحقق الأبعاد الثلاثة السابقة نصرا شخصيا له علاقة وثيقة بالعادات الثلاث الأولى وهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بالعقل، أما البعد الرابع وهو البعد الاجتماعي فهو مرتبط بالعادات الثلاث الأخيرة والتي بدورها مرتبطة بالقلب وتجديد هذا البعد يتم من خلال تعاملاتنا اليومية مع كل من حولنا للوصول للنصر العام. إن الهدف من وجودنا في هذه الحياة يتخطى أهدافنا الشخصية إلى ما هو أسمى وأعظم وهو إعمار الأرض وذلك بنبذ الأنانية وترسيخ الشعور بأننا إحدى قوى الطبيعة التي بإمكانها إحداث تغير إيجابي مستمر.
ومن المهم الموازنة بين تلك الأبعاد الأربعة فمن اتبع عقله أصبح بلا مشاعر ومن اتبع قلبه أصبح ضعيفا ينكسر بسرعة، لذلك يجب وضع القليل مِن القلب على العقل ليَلين والقليل مِن العقل على القلب ليَستقيم.
كاتبة رأي – صحيفة اليوم