في مركزي القطيف.. مرضى «الدم المنجلي» يشكون آلامهم ويبحثون عن علاجه

تحدثت عن معاناتها كأم كانت تحمل أنين أولادها المصابين بفقر الدم المنجلي الذي ينهش أجسادهم منذ الصغر، وحاولت تخفيفها بتعريفهم كيف يتعايشون معها مع المتابعة الطبية الدورية، على مدى 19 عامًا، تسير معهم بخطى ثابتة يبطنها الإيمان بالله والصبر على قضائه وبلائه.

إنها فاطمة آل سليم، أم مسلم ذي الـ19 عامًا، وجنات ذات الـ14 عامًا، والياقوت 12 ربيعًا، الثلاثة مصابون، من أم وأب حاملين للمرض، ربتهم في أجواء النكران ممن حولها بأن السبب يعود إليها فقط.

ذكرت “آل سليم” لـ «القطيف اليوم»، أنها لم تنجب طفلًا سليمًا، مع إصابة مسلم وأختيه، وإنجاب ابنتين حاملتين للمرض، لافتة إلى أن أكثر ما يؤثر على صحتهم ويؤدي إلى حدوث النوبات هو تغيير الحالة النفسية، يرافقه التغير في الجهد أو حتى تغير حالة الطقس، التي تكون كفيلة بأن تجعلهم يتجرعون الألم.

وبينت ابنة العوامية أنها حضرت الفعالية بطلب من ابنها مسلم الذي أخبرها أنها ستجد مدخلًا وسيتم إرشادها لحصول أخته “جنات” على فرصة للعلاج في مركزي القطيف بعد طول علاجها في المستشفى الأهلي وحاجتها لعلاج الهيدروكسيد يوريا.

وأشارت إلى أنها اكتشفت إصابة ولدها الوحيد “مسلم” وهو ذو أربعة أشهر من عمره، ليجد نفسه في عالم خاص من المرض والرعاية وخوف من حوله عليه، إلا أنه مع إصابة أختيه أصبح المضمد لهما والعامل على تهوين الألم ومحاولة العيش مع المرض بتقبل وكأنه الرفيق لهما.

من جانبه، تحدث ابنها مسلم آل موسى لـ«القطيف اليوم»، عن تجربته مع المرض بقوله: “منذ صغري وأنا بين أروقة المستشفيات”، متعايشًا مع ألمه بين شدة وضعف، أدت مضاعفاته إلى استئصال الطحال والمرارة، ومع ذلك صمد وصارع المرض وأكمل دراسته بشجاعة إلى أن وصل حاليًا إلى المرحلة الجامعية بدراسة تخصص علم النفس في مملكة البحرين.

وقاده ألمه إلى التفكير في ألم ومعاناة من حوله من أفراد المجتمع، بتأسيس مجموعة “أمل القطيف” التطوعية، مع مجموعة من الشباب، والعمل على تلمس احتياجات الأيتام وذوي الإعاقة وكبار السن، عبر تقديم التأهيل والترفيه والتعليم لهذه الفئات.

من جهته، تبنى ابن تاروت حسين الدقدوق نشر رسالة “مرضى فقر الدم المنجلي مدمنون ألم” للتوعية بالمرض الذي عاش معه، يرافقه أخ أكبر منه وأخت أصغر منه، ولدوا من أب وأم حاملين للمرض.

ودعا “الدقدوق” إلى تغيير نظرة المجتمع نحو مرضى فقر الدم المنجلي، عبر تأليف كتاب “دمعة ألم” الذي دون فيه معاناته مع المرض، وكيف تعايش معه بكل تفاصيله، وشرح فيه مدى الألم الذي يتعرض له خلال النوبات، ونظرة المجتمع حيال المرض، لافتًا إلى أنه جرب علاج الهيدروكسيد يوريا إلا أنه توقف عنه بسبب ظهور أعراض الخفقان في القلب من استخدامه، ما جعله يلجأ إلى العلاج بالغذاء الصحي وتناول الأعشاب.

جاء ذلك في لقاء «القطيف اليوم» بهم في فعالية “اليوم العالمي لمرض فقر الدم المنجلي”، والمنظمة من مركز أمراض الدم الوراثية وقسم التثقيف الصحي بمستشفى القطيف المركزي، يوم الأحد 23 يونيو 2019 م، في بهو المستشفى، حيث شارك “الدقدوق” في ركن “تجربة مريض”، ومسلم آل موسى وأمه كانا أحد الزائرين للفعالية.

ودشنت الفعالية من المدير الطبي لمركزي القطيف الطبيب زكي الزاهر، بمشاركة مجموعة من الكوادر الطبية والفنية والإدارية للمستشفى، وعدد من الزوار والمراجعين.

وهدفت إلى التوعية والتثقيف بمرض فقر الدم المنجلي للمراجعين والكوادر العاملة في المستشفى، والتعريف بالطرق العلاجية له عبر تفعيل سبعة أركان صحية هي؛ الاستقبال، والتعريف بالمرض، والمضاعفات، والعلاج، وبنك الدم، والعلاج الطبيعي، وتجربة مريض.

من جانبه، ذكر المشرف على الفعالية رئيس مركز أمراض الدم الوراثية بالمستشفى الطبيب الاستشاري باطنية وأمراض دم عبد الله آل زايد، لـ«القطيف اليوم»، أن المستشفى يعالج مرضى فقر الدم المنجلي عبر ثلاث عيادات استشارية للكبار وعيادة للأطفال، تستقبل كل عيادة يوميًا ما لا يقل عن 20 مريضًا، منوهًا بأن قسمي التنويم والطوارئ استقبلا خلال سنة 44 ألف مريض مصابين بفقر الدم المنجلي.

وأوضح “آل زايد” أن هذه الفعالية الأولى التي تقام إحياءً لليوم العالمي بمرض فقر الدم المنجلي، وخامس فعالية للتثقيف بأمراض الدم الوراثية خلال ثلاث سنوات، سواء كانت داخل المستشفى أو خارجه.

واعتبر أن الفعالية وقفة يمثلها المستشفى مع المرضى لإشعارهم بقربه منهم وكأنه يقول لهم: “نحن معكم نؤازركم ولا تستسلموا، وكونوا أقوياء في مرضكم”، وكذلك مع المجتمع للتعريف بمدى المعاناة والتعب من المرض للمصابين به، كون بعض المرضى لا يعرف عن طفولته ولا يتذكرها بسبب المعاناة التي عاشها، بالإضافة إلى التوعية والتثقيف بالمرض وعدم الاستسلام له.

وأكد حرص الفعالية على التثقيف والتعريف بالعلاجات الموجودة في المستشفى ومع الأدوية المستحدثة، مشيرًا إلى نشر إحدى المجلات الطبية العالمية قبل أسبوع عن دواء “Voxelotor” الحديث، الذي أثبت فعاليته من حيث منع تكسر الدم ورفع نسبة الهيموجلوبين في الدم، وتخطى مرحلتين، وحاليًا في المرحلة الثالثة، ولا تزال هناك مراحل إضافية يمر بها للاعتراف به كعلاج، بعد موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، وبمجرد الحصول على الاعتراف عليه، يتم التقدم لوزارة الصحة لتوفيره في المملكة.

فيما أكد المدير الطبي زكي الزاهر لـ«القطيف اليوم»، سعي إدارة المستشفى إلى تقديم الخدمات الطبية الجيدة للمرضى، وذلك عبر خطط علاجية كان أولها نقل مركز أمراض الدم الوراثية إلى داخل المستشفى، مع تطوير خطوات الفحص والتوعية لما قبل الزواج.

وحول قلة الإحصاءات الطبية للحالة العلاجية في المستشفى، أوضح “الزاهر” أن إدارة المستشفى بصدد تأسيس قاعدة بيانات لمرضى لجميع أمراض الدم الوراثية بالتعاون مع وزارة الصحة، لتكون مصدر المعلومات والإحصائيات والدقيقة والثابتة لجميع المرضى بجمع الأعمار والحالات.


error: المحتوي محمي