جزيرة تاروت تَفْتَقِدُ صرحًا طبيًا كان بين بساتينها.. فأين هو؟

عن هذا المقال أدرك يقينًا أنني لست أول من كتب ولست آخر من سيكتب إلى وزارة الصحة عن عدم وجود بعض المنشآت الصحية في ثاني أكبر جزيرة واقعة في الخليج العربي بعد البحرين وهي (جزيرة تاروت).

في حقبة الستينات من القرن الماضي وفي الوقت الذي كان فيه عدد سكان جزيرة تاروت قليلاً، أسس أول مستشفى حكومي بين بساتينها الجميلة لتقديم الخدمات الصحية للأهالي وذلك في عهد الملك سعود – رحمه الله – والأرض التي حملت ذلك الملاذ الآمن الذي كان يضم بين أسواره ملائكة الرحمة لا تزال موجوده إلى يومنا هذا، وإن كان أكف الأهالي ترفع في كل يوم بالدعوات بأن يعود ذلك الصرح الصحي لخدمة الناس في الجزيرة التي وصل عدد سكانها إلى أكثر من مائة ألف نسمة.

جزيرة تاروت التي يتكون عدد سكانها من أكثر من مائة ألف نسمة، هي اليوم للأسف تفتقر إلى أبسط الخدمات الإسعافية والصحية لنقل المصابين في حال وقوع حالة طارئة، كالهلال الأحمر السعودي ناهيك عن عدم وجود مستشفى حكومي يلبي حاجة سكانها الذين يقطعون عشرات الكيلو مترات كل يوم للعلاج في المستشفيات الحكومية البعيدة عنها.

معاناة المرضى أكبر من أن يحيط بها نبض قلم أو نقد كاتب أو أنات مصاب، ولكني سوف أكتب عما تحتاجه بلدتي من خدمات عله يعود بقطرات ماء تسعف مصابًا، أو تجبر جرح جريح، أو تشفي صدور كثيرين ممن أثقلتهم الحياة بآلامها ومتاعبها الجسدية والنفسية، فلم يجدوا ما يلجأون إليه سوى الاستعانة بالله تعالى والصبر على البلاء وتسليم الأمر له وحده.

في كل صباح نرى المرضى من كبار السن نساءً ورجالاً وهم ينتظرون طويلًا في الشوارع تحرق حرارة الشمس ما تبقى من أجسامهم النحيلة التي أتعبتها قسوة الحياة، وهم ينتظرون من ينقلهم إلى المستشفى الحكومي الذي يبعد عشرات الكيلو مترات عن أماكن سكنهم، فهل تحرك تلك المشاهد وهذه الفصول مسؤولي وزارة الصحة فيكونوا على قدر المسؤولية والثقة الممنوحة لهم من قبل ولاة الأمر – حفظهم الله؟

إن أهم ما يراهن عليه الإنسان في هذه الحياة هو العناية الصحية به، فما الذي سيستجد وما الذي نتوقع حدوثه في بلد مثل “جزيرة تاروت” التي تضم أكثر من مائة ألف إنسان يتباهون بما تزدهر به دولتهم من نجاحات في جميع النواحي في ظل قائد المسيرة الملك سلمان وولي عهده الأمين محمد بن سلمان – حفظهما الله -، والذي نتمنى أن يتباهون ببناء مستشفى حكومي على أرضهم يقدم ألخدمات الصحية والعلاجية إلى هذا التجمع السكاني الكبير.

هناك الكثير من الناس في المجتمع لا يزالون عاجزين عن الوصول إلى المستشفيات الخاصة للعلاج، وإذا وصلوها فهم عاجزون عن دفع تكاليفها، لأنه ليس كل أحد يستطيع أن يضع رجله على عتبة أبواب المستشفيات الأهلية لأنها مسعورة، وربما تصدر لك فاتورة وتحاسبك على المرور بشارعها أو قراءة لوحتها من بعيد، فمن الأفضل الابتعاد عنها وأن يبتعد عنها كل صاحب دخل محدود.

وفي الختام، إن المنتعشين ماديًا هم القادرون على دخول المستشفيات الأهلية والقادرون على السفر والعلاج في أي مكان، أما الطبقة الكادحة والضعفاء والمساكين فهم الذين لا يملكون حيلة إلا الصبر والانتظار في طابور مرضى المستشفيات الحكومية، وإن الجانب الإنساني مطلب لهم وهو بناء مستشفى حكومي لهؤلاء الناس على أرضهم يلبي احتياجاتهم الصحية.


error: المحتوي محمي