الأبوّة المؤثرة في أبناء المجتمع

ما أحوجنا اليوم إلى أبوّة تجمع ولا تفرّق، أبوّة تحب ولا تكره، أبوّة تحتضن وتلم أبناء المجتمع جميعًا تحت سقف الدين والمبادئ السامية، شعارها هو الحب في الله، وتدعو إلى الوحدة ونبذ الفرقة…

إن الأب لأبناء مجتمعه هو الذي يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم، ويدعو من خلال ذلك إلى التآخي بينهم حتى يكون المجتمع كالجسد الواحد…

ويوزّع عاطفته على الجميع دون انحياز، وهذا هو خُلُقُ نبينا (ص) فقد رأى رجلًا معه ولدان وقد قبّل أحدهما وترك الآخر فقال (ص): “هلا واسيت بينهما؟!”.

لأنّ انحيازك العاطفي لفردٍ دون آخر يعني أنّك تزرع الأحقاد بين الأبناء، وتكسب أشخاصًا معينين وتخسر الكثير منهم…

أيها الآباء يا طلبة العلم والخطباء والأطباء أيها المعلمون والوجهاء عليكم أن تعينوا أبناء المجتمع على برّكم؛ من خلال أخذكم بأساليب التربية الناجحة، يقول النبي الأكرم (ص) فيما روي عنه: “رحم الله من أعان ولده على برّه”، قال: قلت: وكيف يعينه؟ قال: “يقبل ميسوره ويتجاوز عن معسوره ولا يرهقه”.

إنّ معنى أن تكون أبًا يحتّم عليك أن تهتم لأمر ابنك، وأن تعلم أنّ ابنك هو كنفسك فتحبّ له ما تحب لها وتكره له ما تكره لها، وتقدم مصالحه على مصالحك، كما تهتم بولدك الذي هو من صلبك، فمن وصية الإمام علي (ع) للإمام الحسن (ع): “وجدتك بعضي بل وجدتك كلي حتى كأنّ شيئاً لو أصابك أصابني وكأنّ الموت لو أتاك أتاني، فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي”.

ولا شك أن التعبير عن عاطفة الأبوة بهذه الكثافة والوضوح والتنوع يجعل علاقة الأبوة والبنوة في غاية القوة والعافية والجمال، ويدل على صحة نفسية عالية واستواء في المشاعر وارتواء للعواطف.

إذ أنه يشعرهم بالرحمة والحنان والعطف والحب، لينشأوا نشأة نفسية صحيحة، تعمر قلوبهم الثقة، ويشيع في نفوسهم الصفاء، ويغمرهم التفاؤل.

ولقد كانت هذه الصفات من أبرز أخلاق الرسول الكريم وشمائله الرفيعة، ومن أقواله التربوية الخالدة (ص): “ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا”.

لقد كان الرسول (ص) المربي العظيم يحاول دومًا، وهو يصوغ النفوس أن يفجّر فيها ينابيع الرحمة، ويفتح كوامنها على الحب والحنان …

عزيزي من المستحيل أن تكون أبًا للمجتمع ومرشدًا ومؤثرًا فيهم وأنت لا تمتلك عنصر التفاني والإخلاص والعاطفة الأبوية لأبناء مجتمعك، فمهما بلغت في درجة علمك وفهمك ومكانتك فستكون بعيدًا عنهم بل ولا تحدث أثرًا فيهم…

———————

اللّهمّ لا تدع خصلةً تُعابُ منّي إلاّ أصلحتها، ولا عائبةً أُؤنّبُ بها إلاّ حسّنتها، ولا أكرومةً فيّ ناقصةً إلاّ أتممتها، برحمتك يا أرحم الراحمين.


error: المحتوي محمي