
وبالوالدين إحسانًا، تزامنًا مع عيد الأب في يومه العالمي إلا أن كل يوم يمر علينا بسلامة آبائنا وتحت ظل حبهم وكنف خيرهم فهو عيد، إلى من يمثل نصف الحياة شراكة مع نصفها الآخر الأم.
بل هو الحياة وشريان العطاء يمد الأرض والزرع بالحياة، طاقة الضياء والنور، المولد للدفء والحنان فهو هيكل الصمود للأسرة وعمودها الفقري، مصدر العزة والأمان، من هنا نسعى منتسبين إلى خارطة الوجود أن نثبت عنوان الهوية الوجودية في قلب العالم الانتمائي وانتساب الفروع إلى الأصول فهنيئًا لتلك الفروع التي مازالت متصلة بأصولها وإن كان رابط الاتصال لا ينقطع أبدًا مدى الحياة وحتى بعد الانتقال إلى عالم ما وراء الحياة (الممات) فالرابط هو وجودي إبدي سرمدي، فالفرع دائمًا يرجع إلى الأصل فهو جزء من ذلك الكل بل الكل حيث نمثّل بوجودنا صلب صياغة ذلك الأب طيب الخلق كريم الصفات فنشأت جذورنا من تلك الحبة المباركة فوهبت الحياة لتحتضنها أرض خصبة المنبت ارتوت من فيض خصال أب رحيم فأصبحت جزءًا لا يتجزأ منه وبضعته التي بين جوانح فؤاده.
قال الإمام زين العابدين (ع): “حق أبيك أن تعلم أنه أصلك وأنه لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك”..
يا سر الحياة ها هو اليوم يخضع العالم بل كل الوجود تحية إجلال وتقدير لك أمام عظمة عطائك فأنت هبة الحياة لمن لا يملك الحياة إلا في وجودك كيانًا أحسنت بناءه بخلاصة روحك تعهدته بالرعاية بين حنايا قلبك وداريته بحدقات العيون افترشت له القلب مهادًا ورموش العيون غطاءً فغدا بلسماً لجراحك ومتاعبك ترى نفسك فيه صورة مطابقة لذاتك فتتنفس بأنفاسه وتتعب لتعبه وتفرح لفرحه، تشتاق له هو بين أحضانك وتتجرع مرارة فراقه إذا غاب عن ناظريك وكأنه شمس أضاءت سماء دنياك إن أفلت تضرعت لخالقك أن يردها وإن أشرقت حمدت الله ساجدًا، فما أعظمك وأعظم وجودك، دامت الحياة بك ولك..
وكل عام وأنت بمليون خير فأنت الخير كله فرحم الله الماضين برحمته الواسعة بسلام..
قول من رب رحيم، رب تجعلنا عملًا صالحًا وقرة عين لوالدينا وذخرًا لهم في الدنيا والآخرة، عملًا متصلًا بين السماء والأرض.. واجعلنا خير آباء لخير أبناء نواصل مسيرة العطاء الأبوي المقدس.