نعم.. أنا قاتل

نعم أنا قاتل، سموني ما شئتم فأنا حاولت مبارزة الفقر، كما قال من قتل الفقر قتلًا وهو علي ابن ابي طالب ع: “لو كان الفقر رجلًا لقتلته”، فالفقر له فكرة وأساليب معينة، وحين نقول الفقر لا نعني شدة الاحتياج فقط لشيء محدد، ولا أعني هبوط المستوى المادي الى مستوى أقل منه، ولكن الفقر المادي هو الفقر الحقيقي قد يكون لبعض الناس ميسوري الحال، ولكن طريقتهم في التصرف في ثرائهم الميسور غاية وما يقودهم إلى الفقر الأشد من السابق.

إن الفقر ليس وضًعا اقتصاديا فقط، بل إنه وضع من أوضاع البشر، يتصرف فيه الإنسان بفقر، ويُفكر بفقر، بأفكار تؤدي إلى فقر أكثر واحتياج للأخرين والغير أكثر، بمعنى آخر هو مرض يُصيب الاقتصاد ويصيب العقول ويُصيب الخيال أيضاً.

ونحن موهومون بكلمة أزمة، نطلقها ونسمعها على كل شيء، كانت في الجمعيات الخيرية او في عقول الفقراء نفسهم مثل؛ أزمة لحمة، أزمة مساكن، أزمة ثقة، أزمة مواصلات، والذي نريده هنا هو أن نمتنع تماًما عن ذكر كلمة أزمة، ونضحك على أنفسنا ونسميها اختناًقا أو اختناقات كثيرة؛ فالكلمة الحقيقية التي لابُد أن نستعملها هي كلمة الفقر، وإذا حولناها محل كلمة الأزمة، فإنني أعتقد أن الصورة تتضح بطريقة تساوي نصف الحل؛ فلو قلنا فقر لحمة، وفقر مساكن، وفقر ثقة، وفقر مسرح، وفقر سينما، وفقر صحافة، وفقر كتابة، لكانت التسمية والتشخيص أدق.

الفقر هنا بالضبط هو عكس الِغنى، والِغنى ليس الِغنى المادي، إنما هو اَّوًلا وأساًسا ِغنى النفس، النفس الغنية غنية حتى لو كانت تَقتات أو حتى تبيت على الصفا، والنفس الفقيرة فقيرة حتى لو كانت تملك الملايين فعن أمير المؤمنين ع: “أكبر البلاء فقر النفس .

ذلك المليونير الذي لم يَمتلك يوما كتابًا ولا عرف إلا أغاني، والذي كل متعته في الحياة أن يأكل الـ”مفطح” ويَشرب ما طاب.

لا عليكم من فلسفتي التي يستغرب منها الكثير، لكن ما أودّ إيضاحه هو أن أعرفكم على القضية التي أخذت جل اهتمامي وهي قضية “مكافحة الفقر”، فأتذكر قبل حوالي ٣ سنوات كنت أذهب بشكل شبه يومي لأستاذ ملا عارف آل سنبل، وقد كانت محاضرته على مدى ٣ أيام عن سؤال تفصيلي في: كيف قضى أمير المؤمنين (ع) على الفقر؟

من هنا قد أشعلت داخلي شمعة لم ولن تنطفئ، وهي اننا لم نصل إلى الابتلاء الذي يجب أن نتذمر منه، كان بفقدان قريب، أو زوال منصب او أين كان.

من هنا بدأت مع أناس وهو أشد حاجة من بالحنان وهم الأيتام، وإن أشد حاجة للجلوس معهم وهم كبار السن، وناس أشد حاجة من بالصحة وهم ذوي الإعاقة.

وكما قلت سابقًا؛ لعل الكثير يسألني مسلم إلى ماذا تطمح في تخصصك الجامعي؟ فأجيب بأني أطمح إلى علم النفس، لأن الفقر يتناسب تناسبًا طرديًا مع الأمراض النفسية فيدمر أغلى ما يملك الإنسان وهو العقل، فبتدمير العقل تتدمر أجيالٌ وأجيال وبالتالي تختفي المجتمعات، فما رأيكم ما هي القضية الأهم بالنسبة لكم؟


error: المحتوي محمي