عندما يكون التواضع ضعفًا وأذى الناس خلقًا وإسقاط الصالحين منهجًا وأكثر النفوس مرضًا من وضعوا أنفسهم طريقًا للقيم ويصمت الصالحون وتغيب النصيحة فأخبرهم أنهم ابتعدوا عن دين الله وجعلوا الشيطان منهجهم ولن تقوم لمجتمع تتساقط فيه الفضيلة وتقل فيه المعرفة وتغيب عنه سبل الخير ويبسط المتعارفون كلمات الثناء على الله وقلوبهم خالية من وجوده وأنفسهم ضائعة في لهوها.
فأي قيمة نخبر الناس بها وأي وجهة ندّل السائرين عليها وأي علامة حق ننشرها في صراط المارين ونحن أقرب إلى النار منهم ونحسب أننا نحسن صنعًا.
ليت السعادة التي ننشدها للآخرين ونبشرهم بجنات النعيم نسعى لها قبل أن نخبر الآخرين بها وليت الطريق التي نعلن للناس باستقامتها قد سرنا عليها قبلهم فمن يأمر بالمعروف هو أولى بالسير عليه ومن ينهى عن الباطل هو أولى من ينتهي عنه.
إذا رأيت صورة ناصعة البياض فاقلبها فما أكثر صور النفاق وإنها لكثيرة فبعضها قشرة تغطي سواد قلب وبعضها حجاب من تحته يرقد جمر الحقد وبعضها سم تحت لسان حلو.
قالوا: إن الحجر لا يرده إلا الحجر وهذا دأب من لا يفتح للقلب منغصة من ظلم أو شتيمة على شحمته وأما من وضع صدره حملًا وديعًا للأحبر السوداء والأحرف المظلمة ترميه بقيئها وحقدها فهو أكثر تحملًا وأشدهم تألمًا وما يصنع من جعل الله خازن سره ومنتهى أمله وغاية مناه.
كل الشوك مؤلم فإن استطعت ألا تدوسه فافعل وإن استطعت أن تسير بجانبه فافعل وإن استطعت أن تجعله خلفك فافعل وإياك أن تجعله أمامك وتسير خلفه فما أسوأ أن يكون الشوك علمًا تُعرف به.
إن شئت أن ترى قيمة نفسك فستجدها عند شانئيك فإنهم أكثر الناس معرفة بك وأقواهم على ظلمك وبهتك، وإن شئت أن ترى أشدهم بأسًا عليك فسيكون أعقلهم وأما البلهاء منهم فهم أكثر أذى وأقل تأثيرًا، وإن تساوى الصديق الأحمق مع العدو العاقل في الأذى.
بين ثرثرة الألم وألم الثرثرة بون شاسع وأرواح كثيرة ومياه ضحلة.
ا
إن عرفت طريقك السالك فانتهجه وسر عليه فما أجمل أن تباهي الناس بخلقك الطيب ومعدنك الطاهر وسبيلك الحسنى.