نعيش – نحن البشر – في هذه الحياة الدنيا بين هاتين الكلمتين المتناقضتين والمتنافرتين معنى وشعورًا وإحساسًا؛ فالأولى؛ أي الألم تعني الحزن والتعب والحُرقة، والثانية؛ أي الأمل طريقها الفرح والبهجة والحبور، وكلا الكلمتين تسيران في خط متوازٍ في أحداث حياتنا، والأحداث بينهما تارة تميل إلى الأمل وتارة أخرى تميل إلى الألم، وهذا أمر طبيعي لا يمكننا إلا أن نسلّم به ونرضى بتبعاته.
الألم سيقع حتمًا، وسيأخذ وقته في الضغط على قلوبنا وعقولنا، وسينال حظه من أفكارنا، ولكن إن طال به الأمد واستمر وكبر وتطور؛ فإنه سيجعلنا نعيش حالة أشبه بمفردات الكآبة والإحباط والقلق والتذمر وغيرها، وستصبح قلوبنا صندوقًا أسود مليئًا بهذه النوعية السوداوية من المشاعر والأحاسيس، وسننسى الجانب الآخر، جانب (الأمل) الذي يرسم لنا خيوط الضوء التي تنطلق من عقولنا مرورًا بقلوبنا؛لتتصل بخيوط الفرح والرضا والطمأنينة والسعادة التي تتغذى من الأمل تلك المفردة التي لا بد لنا أن نتغنى بها عشقًا في رحلة حياتنا.
الألم كنتيجة يسبب جرحًا متفاوت العمق والغور والقاع، ويؤدي إلى نزيف متباين الجريان، ولا بد لنا أن نوقف هذا النزيف الذي سببه ذلك الجرح من ذلك الألم، ولكي نوقفه لا بد لنا (بالتأكيد اللفظي) أن نعطي المواقف حجمها من الألم دون مبالغة في ذلك، وبحسب الموقف تكون شدة الألم، ونحن من يقرر ذلك وليس الآخرون، بعدها نحاول إيجاد الحلول الواقعية المدروسة للتخلص من ذلك الألم بأقل ضرر وبأسرع وقت ممكن، بعدها علينا أن نعالج الجرح أو الجروح بالوسائل المتاحة لدينا، ويمكننا هنا أن نستعين بمن يحبوننا ويمتلكون الحكمة والحنكة والخبرة، كي ينصحونا ويرشدونا؛ حتى تلتئم تلك الجروح، ولا ننسى في غمرة ألمنا ذلك الطوق الجميل (الأمل) فهو صديقنا وظلنا الحاني الذي يصاحبنا ويكون معنا، ويمدنا بذلك الضوء الخفي خارجًا والظاهر الجلي في عقولنا وأفكارنا وقلوبنا.
البعض يظن أن فترة الألم هي فترة تتصف بالديمومة والبقاء وربما الخلود إلى أن يفارق دنياه؛ لذا فهو يعيش اليأس والقنوط والخيبة، ويترك الألم يعيث فيه فسادًا إلى أن يتمكن منه؛ فيصبح هو والألم وجهين لعملة واحدة وهي السواد والعتمة والقتام.
لنكن واقعيين! فهذه حياتنا بين صفو وكدر، بين فرح وترح، بين بهجة وحزن، وبين أمل وألم.
كل ما علينا أن نمحو اللون الأسود ليحل مكانه اللون الأبيض، وأن نفتح قلوبنا وعقولنا ليدخلها بسلاسة وسهولة وهدوء ذلك النور، نور الأمل الذي يبدد الظلمة التي عشناها لبرهة من الزمن، والتي تسببت ببعض الكآبة والتوتر والقلق والإحباط والألم، كما ولا بد لنا أن نصبح أقوى بعد تلك التجربة التي كانت الظلمة والسدف والغبش خطوطها العريضة، والتي كان عنوانها الكبير هو الألم، وأن نكتسب المصل اللازم لمجابهة هذه النوعية من المواقف والمشكلات والحوادث التي صنعت تلك الآلام مستقبلًا، ولنتفق أنها لن تؤثر فينا فلدينا الحلول الناجعة لها، والأسلحة المناسبة للفتك بها إن تكرر حدوثها، ولو تعرضنا لآلام جديدة لم يسبق لنا التعامل معها، فلنحاول وبثبات الفرسان وعزيمتهم وإصرارهم إيجاد حل لكل ألم.
همسة بصوتٍ عالٍ:
أعد توزيع حرف الميم في الكلمتين المتناقضتين؛ لتعيش حياة هانئة تظللها هالة بلورية من السعادة والانشراح والارتياح، وليحل الأمل مكان الألم.