جميعنا نؤمن بأن الفراق والفقد من أصعب الأحاسيس التي قد تمر علينا، كما أننا نعلم أن لها أثراً بالغاً وصدمة يتجرع الفاقد فيها الحسرة، وينتج عنه لوعة وعدم القدرة على التحمل، وبالذات على الأمهات والنساء عامة، ويكون هذا الأحساس أكثر في تأثيره حين يكون الفقيد أحد فلذات أكبادهن، أو حين يغيب الموت أحد أحبتهن.
ويخلف ذلك أزمة نفسية من شدة هول الفاجعة، وفي كثير من الأحيان تكون هناك إغماءات ونقل الثكالى للمستشفيات واضطراب صحي ونفسي مثلما نشاهده ونسمع به دوماً في مثل هذه الحالات، وهنا ينبغي أن نكون أكثر دراية ومعرفة واستعداداً بالطرق الوقائية وتأهباً لمشيئة الله وقضائه وقدره.
عن حبيب قلوبنا سيدنا المصطفى محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام قال :- ( أحبب من شئت فإنك مفارقه).
ومن منطلق هذا الحديث ينبغي أن يكون لدينا تفكير منطقي ودراية مسبقة وأن نكون مؤمنين بأن مشيئة الله قد تغيب أحدنا أو أحد أحبتنا في أي لحظة، لذا علينا أن ندرب أنفسنا لما بعد الفراق وكيفية تحمله والتعامل معه مستعينين بالله وبالصبر وتحمل هول الفاجعة وأن نحتسب أمرنا لخالقنا.
كي لا يكون لدينا بدل الأزمة عدة أزمات قد يصعب تجاوزها أو يصاب الفاقدون بحالة وصدمة صحية ونفسية صعبة جداً، وقد ينتج عن ذلك ما لا يحمد عقباه.
لا يلام الفاقد، لكن نغبط من نراه محتسباً وصابراً وجلداً أمام المصيبة وهول المصاب.
أتمنى من العاملين في المجالات تقديم المشورة النفسية ورجال الدين وعامة المرشدين، من خلال المنابر والخطب والدورات والمحاضرات وورش العمل، إقامة برامج وقائية تحت عنوان كمثال : “ما قبل الفراق” أو “ما قبل الصدمة”،
للتبصير بالطرق الوقائية ولتصحيح الأفكار، ليصبح أفراد المجتمع أكثر تحملاً وإدراكاً، وحتى الأفراد أنفسهم يمكنهم ذلك من خلال الاطلاع والتدريب الذاتي والتفكر في سير الصابرين والتمثل بهم، لنحسن التصرف في حالات الفراق ولتخفيف وطأة وشدة المصيبة حين يغيب الموت أحبابنا لا سمح الله.
وليُسمح لي في هذا المقام أن أتوجه لبعض القارئات والخطيبات حفظهن الله، وكذلك بعض الأخوات المؤمنات حين يتوجهن إلى أماكن العزاء ويحضرن التعزية، أن يغيرن من عادة إثارة الصراخ والعويل وزيادة جرعات الجزع للفاقدين وأصحاب المصاب والتنافس في ذلك، ويحل محله جرعات أكثر من الرفع المعنوي والمواساة.
(وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)
أطال الله في أعمار الجميع ولا أراكم الله مكروه في من تحبون.