ثمة شيء يجب أن يضاف!
على صفحة جريدة الوطن، الجمعة 12 أكتوبر 2018م – يوجد تقرير للكاتب الصحفي خالد الصالح حول مؤتمر جودة مياه الشبكة – وقد تصدر التقرير عنوان “مؤتمر الجودة يصدم الجمهور: المياه المعبأة تسبب الكسل والضعف”.
وخرجت فعاليات المؤتمر بعدة توصيات أو نصائح منها:
• المياه المعبأة في الأسواق تسبب الكسل والضعف وآلام المفاصل..
• المياه المعلبة تهتم بالطعم ولكنه ليس مقياساً للفوائد الصحية.
• مياه الشبكة موزونة الأملاح والكلور والمعادن.
• التذرّع بقدم أنابيب الشبكة غير صحيح لأن معظمها غير قابلة للصدأ.
• استساغة طعم مياه الشبكة ويأتي بالتعود.
استكمالاً للمقال السابق الذي تم نشره بعنوان “مياه الشبكة وصلاحية شربها”.
ولإكمال الصورة فلا بأس من الإشارة إلى بعض التوصيات التي لم يتسن لنا التعليق عليها، كما وصلتنا ردود فعل وتعليقات وتداعيات كثيرة عبر قنوات التواصل لكون الموضوع يستحق منا الكثير من الاهتمام والدراسة والمناقشة، ولعل من المناسب أن أبدأ من حيث انتهى لما كنت قد كتبته بالأمس.
حسب ما صدر من توصيات في مؤتمر جودة مياه الشبكة الذي عقد في 6 أكتوبر 2018م، بمركز الملك خالد الحضاري ببريدة:
• المياه المعبأة الموجودة في الأسواق تسبب الكسل والضعف وآلام المفاصل والبديل الأفضل هو مياه الحنفية بالمنازل!
ونحن نتساءل؛ هل مياه الشبكة ستخفف عنا تلكم المعاناة والتي قد تصل فيها نسبة المواد الصلبة الذائبة إلى 1000 جزء في المليون
(GSO 149/ 2014)
وخصوصاً من لديهم مشاكل صحية مثل أمراض الكلى والضغط..
ولا نملك وسيلة للاطلاع على قياسات الأملاح والعناصر التغذوية فيها؛ كما هو مدرج ضمن متطلبات بطاقة البيانات على عبوة المياه المعبأة “الحقائق التغذوية” والتي تتقيد بالضوابط والتشريعات واللوائح الفنية وخصوصاً مقدار الصوديوم؟
ماذا يعني ذلك؟!
ونحن نتساءل: أين مثلث الصحة من هكذا معاناة؟!
الكسل والضعف وأغلب الأمراض مرتبطة دوماً: بالغذاء الصحي – والنشاط البدني – والنوم الكافي – وتلكم الزوايا تشكل مثلث الصحة.
والقول بأن المياه المعبأة تسبب الكسل والضعف.. ومياه الشبكة هي الخيار الصحي التي تمدنا بالنشاط والحيوية، فيه تبسيط للمعالجة الصحية، وهذا يعني أن مياه الشبكة العامة وصفة جاهزة للتغلب على الكثير من الأمراض؛ ومنها الإرهاق والإعياء والكسل والضعف..
ماذا نقول بعد ذلك؟!
• أنابيب الشبكة العامة جيدة ومضادة للصدأ في منطقة الرياض وبعض المناطق الأخرى.
ماذا يعني ذلك؟!
هناك مناطق أخرى في المملكة لم تصلها تلك التجهيزات أو لم تستكمل فيها الخدمات، وهذا ما نلاحظه في منطقتنا، كما أن المياه في الغالب غير محلاة أو مخلوطة وتحتوي على أتربة وأحجار وشوائب ومواد غريبة، نراها دوماً في قاع الخزان أو في صفاية الخلاط، وتراكم أملاح على الخلاطات، وبين نقاط توصيل تمديدات الشبكة مما يؤدي إلى تلفها.
ماذا يعني ذلك؟!
• كيف لنا مطالبة صاحب المنزل بتوفير فلاتر للتنقية والتصفية وأدوات تخفيف الملوحة، ونشترط عليه بألا تنزل الملوحة عن 150 جزءًا في المليون، بينما هذا الإجراء فني هو من اختصاص شركة المياه الوطنية.
• مياه الشبكة العامة أفضل للشرب كونها خياراً صحياً لأنها موزونة الأملاح ومتعادلة المكونات والقياسات، وهذا يدل على حجم المعالجة، والواقع أن كلا النوعين المياه المعبأة وغير المعبأة تخضعان لنفس المعالجة الكيميائية.
ما نتيجة ذلك؟!
• التسرع في مطالبة الناس بأفضلية مياه الشبكة العامة دون اتخاذ إجراءات وقائية كفيلة بإقناع وطمأنة الناس بجودة وسلامة ومأمونية المياه مثل القيام بجولات ميدانية دورية بواسطة فريق فني متخصص للوقوف على جودة المياه التي تصل للمنازل (مختبرات متنقلة مزودة بأجهزة حديثة تقيس صلاحية المياه) وسحب عينات من خزان ماء المنزل والشبكة الداخلية؛ وإرسالها لمختبرات الهيئة العامة للغذاء والدواء، أو مختبرات الجهات المعنية للتأكد من صلاحيتها، ومن ثم تزويد صاحب المنزل بتقرير يثبت صلاحية المياه التي يستخدمها أو يشربها، كما يتوجب من شركة المياه الوطنية توفير فلاتر ومستلزمات لتنقية وتصفية المياه تكون مطابقة للمواصفات القياسية، وتوجيه الناس وتوعيتهم ومن ثم إلزامهم بتركيبها في منازلهم.
تجري الهيئة العامة للغذاء والدواء مسحاً ميدانياً دورياً للمياه المعبأة لرصد أي تجاوز وضمان تطبيق اللوائح الفنية الخليجية والمعايير الدولية.
فأين دور شركة المياه الوطنية من هكذا إجراء؟!.. ونحن نرى المبالغ المرتفعة التي فرضت على الناس من جراء استهلاك تلك المياه وسببت لهم خللًا في ميزانيتهم المعيشية.
يشعر المواطن اليوم بضآلة الخدمات رغم تدفق الإيرادات التي باتت لا تتكافأ مع ذلك المستوى، وأصبح المواطن يتألم من ارتفاع فاتورة المياه..
لا أريد أن أقول أكثر من هذا.. وعيون المسؤولين كلها نظر!
قلت هذا وأنا آمل أن يجد هذا الإجراء صدى يستحق دراسة من المختصين سيما أن الدولة تمتلك دافعاً قوياً لمواجهة التحديات وهي سمة من سمات دولة الإنجازات – طاقة وآفاق واسعة وتقنية عالية ورؤية مستقبلية زاهرة بخطوات متجددة في ظل حكومتنا الرشيدة.
السؤال هنا: ما مدى استجابة الناس لتلك الدعوات المتكررة بالابتعاد عن تناول المياه المعبأة، والاعتماد فقط على مياه الشبكة العامة للشرب؟
سمعنا أصوات تؤيد ذلك التوجه!
في الماضي منطقتنا تزخر بعيون معدنية طبيعية – حارة ومكربنة –
لا تقدر بثمن – هنيئاً لمن حظي بالشرب منها والاستحمام فيها،
لا خوف من ملوثات ولا أمراض وبائية.. هي مياه صحية وعلاجية.
آباؤنا وأجدادنا في الأزمان الماضية شربوا من العيون النابعة، والمياه الإرتوازية، والآبار الجوفية، والينابيع المتدفقة، والمياه السطحية، ومياه القنوات الجارية المليئة بالطحالب والضفادع والحشائش وحتى أفواه الحيوانات كانت تشاركهم، وصحتهم عن مائة شخص أمثالنا.
حياة فيها بساطة وقناعة، وخالية من الملوثات والكيميائيات الصناعية والأدوية البيطرية، يأكلون من الطبيعة، ويشربون من المياه التي وفرتها الطبيعة، الطبيعة فقط، يا لها من حياة عضوية.
وإن شاء الله يتحقق إنجاز جودة مياة الشبكة العامة ونرى جميع مناطق ومدن وقرى المملكة تتمتع بمياه صحية، وهذا يندرج ضمن مفهوم الأمن المائي الذي يحقق رؤية 2030.
منصور الصلبوخ – أخصائي تغذية وملوثات .