سفر بلا رجوع

سَفَرٌ بِلا رُجُوعٍ••
ما سرُّ تعلقنا بتلك المسافة المظلمة..
التي اختطفتِ الجمال من أحضان الياسمين
وأخذته مصفدًا على تابوت أجهش بالبكاء
لا شك أن ارتعاشةً أصابت التراب
ففاتحة الكتاب تصبَّبَتْ عرقًا
وتلك الحُفَرُ المزينة بالريحان
لا زالت تزغرد شوقًا وألما وافتجاع
لم يكن الاجتماع هذا المساء
إلا زفرات ترسم السواد على جدران القطيف
وما تلك الجموع التي زفّت الحزن
إلا مسيرة عاطفة قربى اتصلت بالحسين عليه السلام
فكلما أُصبنا..
مسحتِ المعجزةُ الولائية على رؤوسنا
لا تخفيف لألم الفقد إلا الانتماء لوطن تربى على الصبر المعجون بتراب كربلاء..
المصاب عظيم عظيم!
والجرح لا يجبر
والحرف مساحةٌ من الانحناء على قبور شباب اختارتهم السماء
العزاء لتلك الأمهات الثاكلات
فلا أثر إلا زينب عليها السلام
ولا مقام إلا الدموع الممتزجة بالدعاء
ولا انتظار إلا تقاسيم ذاكرة ستخلدها تجاعيد الوله والهيام
فما تبقى صورة على جدار الزمن
نطالعها ونغمض أعيننا
لنعود بشريط ممتلئ بالذكريات
سفر بلا رجوع..
وعرجون تدلى اختصارًا لعمر وردة حمراء
اجتاحتها عاصفة الموت
فتنفست مختنقة؛
لتعود إلى الحلقة الخضراء
بكفنٍ يرفلُ حياءً
ونعشٍ تخاله فارغًا
يا الله!
كيف ليراعة أن تصل دون الاتكاء على الجرح
وكيف لها أن ترسل إشارتها لمأتم الحزن
سأمدها كفًا محملة بقلوب القطيفيين ،
عاطفةً بأوردة المتهجدين
وصرخةً بصلوات المتوسدين في محراب النور
شيعناهم على ضفاف البحر
فقد احتضنهم أولا
تمهيدًا لزفاف يعبر بهم إلى الجنة••!
ينط بهم خارج محجر الصبوات المقدسة
ويدخلنا في دوامة مغلقة نوافذها
حتى مطلع النعي ، يمط قلوبنا
فنهجر كل شيء التماس رسل العشق
نتدثر بعباءة القاسم مواساة وندبة وصلاة!

كل العزاء لأهلنا وأحبتنا
نسأل الله أن يلهمهم الصبر والسلوان
وأن يتغمد الراحلين برحمته


error: المحتوي محمي