
الكثير منا يهتم بدراسته وثقافته ومطالعاته عبر الواتس آب وقنوات التواصل، ويولي ذلك اهتمامًا كبيرًا، لكن هل يهتم بالصلاة على الأقل بالقدر الذي يهتم بهذه الأمور ونظائرها؟!
والكثير منا يهتم بعمله فتراه يحرص على وقت الدوام ويخاف أن يتأخر في عمله، ولو تأخر يومًا ما عن العمل تراه يذهب مضطربًا خائفًا إلا أنه لو فاتته صلاة الصبح مثلًا فهل يهمه ذلك؟ وهل يتأثر ويحزن ويضطرب؟!
كما أن البعض يهتم بصحته ويخاف على نفسه بحيث لو مرض فإننا نراه كيف ينقطع إلى الله تعالى بالدعاء والمناجاة والتضرع، ولكن إذا كان في الصلاة في وقت الصحة والرخاء هل يكون مقبلًا على الله بحيث إذا صلى قلبه لا يتقلّب هنا وهناك وذهنه لا يشرد؟!
أيها الأحبة إننا عندما نتتبع الروايات الشريفة نجد تأكيدًا شديدًا على الاهتمام بأوقات الصلوات، فالمؤمن الصادق عندما يسمع الأذان تراه يبادر بالصلاة، فيترك كل ما بيده سواء كان تاجرًا أم عاملًا، طالبًا يطالع في كتابه أم أستاذًا أو غير ذلك، ويتوجه إلى الصلاة بكامل الأهبة والاستعداد، بل اللازم أن يرتب حياته على أوقات الصلاة ويعتبر لصلاته في أوقاتها الأولوية المطلقة.
وفي شهر الله تعالى نلحظ المحافظة على صلاة الفجر فيحرص الكثير على تأديتها في وقتها جماعة، أما صلاة الظهرين فإن البعض يصليها قبل أذان المغرب بقليل أو مع صلاة المغرب…
أيها الأخوة والأخوات إن الارتقاء الروحي يحث على المحافظة على كل الأوامر الإلهية والتي من أهمها الصلاة لأن الصلاة هي التي توجِّه العبدَ إلى الفضائل وتبعده عن الرذائل ولذلك جاءت الروايات عن النبي وآله (عليهم السلام) آمرةً بالمحافظة على الصلاة وأوقات الصلاة بل حتى مقدماتها…
وإنّما يعرف المؤمن من غيره، بإقامة صلاته في أوّل أوقاتها، فإنها في أوّل الوقت رضوان، وفي آخره غفران، وكم هناك فرق بين رضوان الله الأكبر، وغفران الله الذنوب (وأولها جزور وآخرها عصفور) وهذا كناية عن الفارق بين مراتب الصلاة فيوجد فرق بين لحم الجزور ولحم العصفور كما يقول بعض العلماء.
وفي الرواية عن رسول الله (ص): “لا يزال الشيطان هائبًا لابن آدم ذعرًا منه ما صلى الصلوات الخمس لوقتهن، فإذا ضيعهن اجترأ عليه فأدخله في العظائم”.
وذلك يعني أن الحفاظ على الصلوات الخمس لوقتهِنّ هو السدّ الأول المحكم والحصن المتقن في مقابل إبليس كي لا يتجرأ على الإنسان فيوقعه في العظائم ـ لا سمح الله ـ مِن قتلٍ أو هتكِ حرماتٍ أو غير ذلك.
فلماذا نعطي الأولوية لكل شيء إلا الصلاة ولِمَ لا نعطيها الأولوية مع أنها عمود الدين ومعراج المؤمن، وفرصة المناجاة مع ربنا وخالقنا وسيدنا والمنعم علينا بأنواع النعم والمواهب؛ ولذلك نلحظ إمامنا علي (ع) في وصيته لأولاده يؤكد على الصلاة.. وهذه الوصية لنا فنحن أبناء علي (ع) وإذا به يقول بصوت خافت متألم الله الله في الصلاة فإنها عمود دينكم…
اللهم صل على محمد وآل محمد واجعل صلاتنا بهم مقبولة، وذنوبنا بهم مغفورة، وحوائجنا بهم مقضية، ودعاءنا بهم مستجابًا، وارزقنا في الدنيا زيارتهم، وفي الآخرة شفاعتهم، واحشرنا في زمرتهم…