قبل 55 عامًا في سيهات.. المؤمن والدوسري تفقدان شابين بحادث طائرة لبنان.. وتتبادلهما بالخطأ

في مثل هذا الشهر قبل 55 عامًا سنة 1964م تحديدًا؛ شهدت المملكة أول حادثة سقوط طائرة والتي كانت قادمة من بيروت إلى الظهران، فسقطت في حي العزيزية مخلفة وراءها العديد من القتلى الذين لقوا حتفهم في عرض البحر.

الحادثة لم يكن وقعها بسيطًا على المملكة، كما لم يكن بسيطًا على أهالي مدينة سيهات خاصة، ليس فقط لأن أحد ركاب الطائرة كان من أبنائها، بل لأنها شهدت في هذا اليوم حدثًا عصيبًا بتبادل جثة الفقيد من أبنائها مع فقيد آخر من عائلة “الدوسري” بالدمام عن طريق الخطأ.

وتعود التفاصيل؛ بحسب ما قاله أحد أفراد عائلة الفقيد علي عبدالمحسن المؤمن لـ«القطيف اليوم» أنه تم إبلاغ عائلته بالحضور لتسلّم جثمان الفقيد “عبدالكريم المؤمن” ذي الـ17 ربيعًا، والذي كانت ملامحه قد تشوهت بعد الحادثة، وتم إيكال المهمة للابن جواد الذي يصغر عبدالكريم سنًا، فتسلم جثمانًا اعتقد أنه للفقيد، ولكن اتضح لاحقًا أنه لشاب يدعى “سلمان بن حسن بن بطي الدوسري”، كان عائدًا من رحلة دراسية في لبنان، وتم تشييعه ودفنه في مقبرة سيهات على أنه ابن عائلة المؤمن، وبعد يوم كامل توجهت عائلة الدوسري لتسلم جثمان فقيدها، فتفاجأت أنه ليس الشخص ذاته، وجرت الاتصالات بين العائلتين لتوضيح الأمر وتدارك الخطأ.

من جهتها، خففت عائلة الدوسري وطأة المصاب بتعاملهم بحكمة مع ما حدث، حيث لم تمانع إبقاء جثمان فقيدها سلمان في ترب سيهات، – وذلك بحسب مصادر العائلة -، بل على العكس، فقد كانت مؤمنة كأي عائلة مسلمة أن إكرام الميت دفنه، وكان تحفظها الوحيد هو أن تشهد طريقة تشييع الميت وتلقينه ودفنه، وأبقت على فقيدها الشاب في مرقده آمنًا.

وتسلمت عائلة المؤمن جثمان راحلها الشاب عبدالكريم، بعد أن اشترطت عائلة الدوسري أن تشهد تشييعه ودفنه، فتم لها ذلك، وبقي الشاب الدوسري في مقبرة سيهات مع عموم المسلمين المدفونين بها.

هذه الحادثة التي مضى عليها 5 عقود، ليست إلا قصة من آلاف القصص التي كانت تبين طبيعة العلاقة الحميمة بين أبناء وطوائف الوطن؛ فبحسب الباحث التاريخي عبدالرسول الغريافي: جذور العلاقات بين الطائفتين تتسم بالود والاحترام لطبيعة الآخر، بل إن بعض أهالي دارين وعنك كانوا يشاركون أهالي القطيف إحياء مناسباتهم، كما يشاركونهم الزواجات وغيرها؛ لذا فإن التشكيك كان دخيلًا على ثقافة المنطقة”، وقد استشهد الغريافي في ذلك بسيرة أجداده والشراكات التجارية التي جمعتهم مع أهالي عنك والدمام منذ عقود خلت.

وأكد مصدرنا للقصة المهندس حسين آل عباس أن هذه العلاقات والروابط تعالت وتجاوزت الطائفية واتسمت بالتسامح المذهبي، وقال: “يظهر ذلك في تصرف عائلة الدوسري الذين اطمأنوا لطريقة الدفن في سيهات، بل وأبقوا الجثمان فيها”، مؤكدًا أن تلك الروابط لا تزال باقية حتى اليوم بعلاقته بذات العائلة من خلال زملاء العمل.

المؤمن


error: المحتوي محمي