الموسى: طرق تعامل المجتمع مع وسائل التواصل تخلف آثارًا نفسية سلبية

هل قارنت يوماً حياتك بحياة الآخرين الذين لا يكفون ليل نهار عن عرض أدق تفاصيل حياتهم اليومية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي؟ أم أصبت بإحباطٍ لعدم تفاعل متابعيك لما تنشره من محتوى؛ وهل لجأت لهذه الصفحات يوماً للتنفيس عما يختلج نفسك من حزن أو فرح؟

نجاة الموسى مخصتة في علم النفس الإكلينيكي، وعضو مجموعة أصدقاء تعزيز الصحة النفسية تحلل هذه التصرفات وتؤكد أن اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي؛ لتخفيف الضغط النفسي أو تحقيق الشعور بالانتماء يعتبر سلوكًا خاطئاً، ملفتة إلى أنه يجب علينا جميعًا إعادة تقييم تأثير هذه الوسائل على حياتنا.

وقالت الموسى لـ«القطيف اليوم»: “إنّ الإنسان إذا نشأ في بيئة لا تشبع حاجاته فإنه من المحتمل أن يكون أقل قدرة على التكيّف، وأكثر عرضة للاعتلال، وذلك وفقاً لنظرية العالم “ماسلو” للحاجات الإنسانية”، موضحة أن “ماسلو” قسّم الحاجات إلى خمس تتدرج هرمياً بحيث يبدأ الشخص في إشباع حاجاته الدنيا ثم التي تعلوها وأولها (الحاجات الفسيولوجية، فالحاجة للأمن، والحاجات الاجتماعية، والحاجة للتقدير، والحاجة لتأكيد الذات)، وبعد إشباع الحاجات الفسيولوجية والأمان تظهر الطبقة الثالثة المعنية باهتمامنا اليوم وهي الاحتياجات الاجتماعية، وهي ما تشمل: العلاقات العاطفية والأسرية، واكتساب المعارف والأصدقاء.

قلق وعزلة
ولفتت إلى أن غياب هذه العناصر يعرض الكثير من الناس للقلق والعزلة الاجتماعية والاكتئاب، ومن هنا جاءت أهمية التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أنّ العالم الاجتماعي الافتراضي من الإنستجرام، وتويتر وسناب شات، وفيسبوك أحدث خللًا في التواصل الحقيقي.

إشباع حاجات
وتقول الموسى: “السؤال المهم هو هل تعمل هذه الوسائل الاجتماعية الحديثة على إشباع الحاجات الاجتماعية، أم تجعلنا عرضة للاضطراب النفسي”، متابعة: “في الحقيقة إن طريقة وأسلوب تعاطينا مع هذه الوسائل هي ما تحدد إن كانت وسائل التواصل الاجتماعي قد تخلف وراءها آثاراً نفسية سلبية أم لا؛ فكل شخص فينا صنع لنفسه شخصية افتراضية وهناك من يقوم بمشاركة أدق تفاصيل حياته مع آخرين أغلبهم مجهولين، ويحافظ على حضور منتظم ويقضي أكبر وقت ممكن فها، وهناك آخر لا يفضل مشاركة الآخرين إلا أمورًا عامة بعيدة عن الخصوصية، ويحدد له أوقات معينة ضمن جدول حياته المتوازن، وهناك من هم بين هاتين الصورتين”.

سوء استخدام
وتضيف: “من هنا تتضح أن لدينا مشاكل نفسية تنتج عن سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي؛ فالإدمان على استخدامها قد يؤدي إلى الانفصال عن الواقع الحقيقي، إلى جانب قلة النوم، وقلة الثقة بالنفس، وضياع الوقت، والقلق، والاكتئاب، وحب الشهرة الذي يتحول إلى هَوُس”.

كيف ذلك؟
وعن كيفية تحول هذه الوسائل إلى مشاكل تجيب الموسى بقولها: “بما أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت بديلاً لا يستهان به عن الحياة الواقعية، والاستخفاف بتأثيرها أو اعتبارها مجرد نوع من التسلية قد يؤدي إلى نتائج كارثية، حيث إن بعض مرتادي مواقع التواصل الاجتماعية يتخلون تماماً عن حياتهم الواقعية عن طريق إنشاء حياة موازية عبر مواقع التواصل الاجتماعية، مما قد يؤدي إلى الشعور بالوحدة والعزلة وانخفاض تقدير الذات وبالتالي يؤدي إلى درجات خطيرة من الاكتئاب بجانب التجارب السلبية التي يتعرض لها عبر الإنترنت نتيجة إحصاء التعليقات وتسجيلات الإعجاب وسباق عدد الأصدقاء”.

مقارنة
وأكدت أن مشاهدة الأشخاص الذين يعرضون لحظاتهم السعيدة فقط على “السوشيال ميديا” تجعل بعض الأشخاص يشعرون بالغيرة والاكتئاب ومقارنة حياتهم بالآخرين.

صوت عال
وبيّنت المختصة نجاة أن الشبكات الاجتماعية أصبحت الصوت العالي لمن لا يملكون حق التعبير، وهم في تنافس مستمر؛ لازدياد عدد المتابعين؛ من يكون حديث “السوشيال ميديا؟ وأيهم يجني أكثر شهرة؟ فتولدت الكثير من المواهب والكثير من الخيبات، والكثير من النجاحات، والكثير من الخزي.

كشف مكبوتات
وأكدت أن بعض الحسابات تكشف عن مكبوتات دفينة حيث يختبئ صاحبها خلف شاشته ليُعبر من خلالها عن رغبات عدوانية إحدى صورها الشتم والكلام البذيء، ورغبات جنسية قد لا يستطيع التعبير عنها أمام مرأى من معارفه أيضاً إلى جانب عقدة النقص التي تظهر في تحطيم مجاديف الأشخاص الآخرين في التعليق على البوستات.

مشاهير السوشيال ميديا
وعن مشاهير السوشيال ميديا تعلق الموسى بقولها: “عالقة في ذهني أن إحدى الفنانات تعمدت أن ترتدي في أحد المهرجانات فستاناً جريئاً استنكره المجتمع الإلكتروني ليجعلها حديث السوشيال ميديا، ناهيك عن من اتخذ طريقاً آخر للشهرة يعري فيه العلاقة الأسرية والزوجية، وكل ذلك يندرج في قائمة حب الظهور والاستعراض”، متابعة: “في عالم “السوشيال ميديا” يكفي أن تقوم بعمل شيء مختلف كي تصبح مشهوراً بغض النظر إن كان الاختلاف إنجازاً أو انحرافًا”.

مكان غير صحيح
وأكدت أن عالم “السوشيال ميديا” عالم غير حقيقي فإن كنت تبحث عن معلومة صحيحة اعلم أنك لم تقصد المكان الصحيح، كما أن الناس لا يظهرون من خلاله ما هم عليه في الحقيقة، منبهة على ضرورة الوعي بخطورة السوشيال ميديا على الأطفال والمراهقين في حين أنهم يمرون في مرحلة عمرية دقيقة يحدث خلالها جزء كبير من تطورهم العاطفي والمعرفي، بالتوازي مع تعرضهم لتجارب سلبية ومحتويات غير لائقة وغير خاضعة للرقابة.

تحذير
وحذرت “الموسى” من انجراف الأطفال والمراهقين إلى تجارب خطيرة؛ كالتعاطي، أو التعرض لمحاولات ابتزاز، مشيرةً إلى أن تقليل دخول هذه المواقع في حدود ساعة يومياً ومحددة الوقت ومنع الإشعارات التي تجعلنا في ترقب دائماً أفضل الحلول التي أنصح بها لتحقيق التوازن والتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي؛ كسلاح نافع.


error: المحتوي محمي