كيف تصبح قوّة خطابية مُلْهِمة؟

هل جربتَ يومًا أن تقف خطيبًا فداخلك الخوف وبدأ القلق يأخذ منك مأخذه؟

هل استمعت يومًا لمحاضر جذب جميع حواسك بحديثه الشيّق؟

لابد أن يكون ذلك من أسرار الشخصية الناجحة، ولابد أن تكون بين يدي صاحبها أدواته القويّة، ونفوذه الشخصي العملاق.

إن ما يميز الشخصية المُلْهِمة أو ما نسميها المُؤثّرة الانسجام القائم بينها وبين الآخرين، أما سلاحها فتطوير المهارات الحياتية وتسريع قدراتها للأفضل لتبرز بين مثيلاتها بشكل مغاير لهم ومن أهم ما يميزها الآتي:

1. حفظ التوازن النفسي في الحديث مع الناس، خاصة عند الانخراط في فريق عمل يضم الكثير من الفئات العقلية والمشارب المختلفة.

2. للشخصية الملهمة كلمة فاعلة، لها صداها المسموع في القرارات المهمة (لك الأمرُ أن لاحتْ خطوب جسيمة).

3. تمتلك قوة خطابيّة مستندة على أسس صلبة من الخبرات الميدانية والتعليمية فقد ربتها المواقف، وشهدت لها الأحداث.

4. غير ملتصقة بفكرها، لها حلم أفلاطوني في البحث والتنقيب عن مناجم الفكر الإنساني غير المحدود.

5. تحارب الروح الانهزامية، وتستبدل الأفكار الميتة بأفكار تضجُّ حياة.

6. لها قدرة عجيبة على تمرير مشاهد الألم سريعًا، وقفل كل أبواب الفشل كي يلد النجاح عندها نجاحًا آخر.

7. تُعاود النهوض مجددًا ناقلةً قوتها من مكان لآخر، وما أن يلوح خط النهاية في الأفق حتى زادت محرك سرعتها لتصل إلى مرحلة الفوز بجدارة.

8. تمتلك رؤية واضحة ونظرة بعيدة المدى، تصعد السلالم بتمهّل، فتقفز بنوعية مميزة وتسجل نجاحًا لأنها حسبت خطواتها جيدًا.

9. مؤمنة بالله تعالى، تعمل معتقدة أن بين نسج الأحلام واكتمالها في أرض الواقع هناك الأمل المحفوف ببركات الله تعالى.

10. موسوعة عظمى من الخلق الإسلامي الكريم المنبثق من التسامح مع الذات، ونبذ الكراهية والغيرة غير المقبولة شرعًا وعرفًا.

وتظل الشخصية المُلْهِمة تُتقن الأداء والمحتوى معًا دون استدعاء لأوزار الماضي وخربشاته وهذا أهم مقتنياتها الثمينة، وهي من شرايين الحياة النابضة بالحِراك.

فهل أنت شخص مُلْهِم؟ وهل لك نصيب في إلهام من حولك؟

حقيقة – وأنا أكتب هذه الكلمات – ظهرت أمام عيني (آن سوليفان) المعلمة المُلْهِمة التي أصرّت على تعليم (هيلين كيلير).

وعند الحديث عنها لا أشكُّ بمدى العناء الذي يتطلبه تعليم طالبة فقدت جميع حواس التلقّي والتّعلُّم كيف أخذت (آن) بيديها إلى ساحة العلم وعلمتها النطق والكلام فأحسنت القراءة بطريقة برايل. لقد ذللت سبل التواصل مع تلك الفتاة الخرساء العمياء والبكماء وخرجت هيلين أستاذة جامعية، ألّفت العديد من الكتب وأتقنت عددًا من اللغات وحاضرت بلغات مختلفة.

وماذا قالت عن معلمتها؟

تقول هيلين:
“أشعر أن وجودها لا يمكن فصله عن وجودي، أفضل ما عندي ينتمي إليها، ولا توجد في داخلي موهبة أو أمنية أو متعة إلا أيقظتها بلمستها الحانية”.

لقد ألهمتها الحياة الجميلة، وغطّت مساحة كبرى من حياتها عدّتها هيلين من أجمل فترات عمرها.

هذا هو الشخص المُلْهم حقًّا، حديثه الجاذب يداعب المشاعر بإيقاع موسيقي راقٍ يصل من خلاله للقلوب ويتخطّاها مستقرًا في العقول.


error: المحتوي محمي