من الملاحظ في الآونة الأخيرة تزايد مستوى الثقافة المرورية والوعي بأهمية السلامة واتباع قوانين القيادة الآمنة لمعظم فئات المجتمع من رجال ونساء مما نتج عن ذلك مجتمع مدني متحضر مطلع ومدرك لأهمية المساهمة في سلام المجتمع.
إن لقواعد المرور دورًا فعالًا ورئيسيًا في تنظيم العلاقات ما بين مستخدمي الطرق، ولكن هذا الدور لا يتكامل إلا مع نوعية من البشر مدركة أهمية الأنظمة وما تهدف له من حفظ للأرواح والممتلكات.
لكن مع تنوع مصادر المعلومات وسهولة الحصول على جرعة توعوية بصرية أو سمعية وفي زمن سهل الوصول لكل ما هو جديد في العالم. نجد شريحة من المجتمع لا تزال لا تؤمن بأهمية اتباع أبسط القواعد المرورية فنجده يضرب الحائط بالسائد اجتماعيًا ويخرج لنا بوجه نتمنى زواله أو توجيهه في المسار الصحيح. سلوكيات لم نعتد على ظهورها مع تزايد نسبة المتعلمين والمثقفين والواعين. لانزال لا نستخدم ما تعلمنا وما كسبنا من خبرة في حماية أنفسنا ومن نحب من حولنا! طفل يزاحم والديه في المقاعد الأمامية للمركبة وقد افترش حضن أحد والديه متخذًا إياه مكانًا للتسلية واللعب، قد تكون من أهم صور الإهمال والاستهتار وعدم الإحساس بالمسؤولية التي تصادفك وتواجهك بشكل شبه يومي سواء داخل المدن أو في الطرقات السريعة.
طفل يقاسم والديه التحكم في مقود السيارة التي من الممكن أن تخونك في لحظة خاطفة وترمي بك في طريق الندامة. يأخذه الغرور لأن يظن سائق المركبة أن هذه التصرفات نوعًا من أنواع المهارة والفن في القيادة فيتمادى فيها اعتقادًا منه بأنه بذلك قد ناطح السحب من مرحلة الرأفة والحنان وبلغ الحدود القصوى لإظهار مشاعر المحبة لفلذة كبده التي لم يبلغها غيره.
بينما عكس ظنونه وتوقعاته تظهر جلية حينها عندما يتبلور ذلك السلوك والتصرفات في صور متعددة من الأذى والضرر للابن أو الابنة كحدوث إصابة خطيرة أو إعاقة أو فقدان بسبب توقف مفاجئ أو حادث قد يكون بالإمكان تقليل آثاره لو طبقنا قواعد المرور وتابعنا حس المسؤولية الأبوية نضعهم في وجه المدفع ظنا أنه يمكننا أن نحميهم بينما من غير قصد أو جهل من أحد الوالدين يرسلهم لمسار طريق التهلكة والتي نتاجاته فقدان عزيز أو دمار عائلة وتفكيك لبنة من لبنات المجتمع.
من الأولى عدم الاستجابة لرغبات طفولية ونزوات غرور الوالدين في إبراز أبوتك أو أمومتك فلكل مقال مكان حاول أن تظهر وجهك الأبوي الصحيح من خوف وتقدير لأهمية دورك في الحفاظ على أغلى ما تملك. لتكن قدوة لهم في اتباع أصول السلامة وترسيخ مبادئ منع الخسائر البشرية والمادية، تأكد أن وضعك صغار السن في المقاعد المناسبة لأعمارهم وربط حزام الأمان هي أول خطوة لتدشين فكر فعّال ومنتج في بلد دأب قادته على توفير وسائل سلامة ورفاهية المواطن والتأكيد على أنه اللبنة الرئيسية لأي مشروع حضاري. إجراءات بسيطة يمكن من خلالها تمرير تيارات المحبة لمن نحب بكل سهولة كتلك التي ذكرنا. فلا نكون أفرطنا في حبهم فنتسبب في قتلهم ونحن نعلم أن المركبة وسيلة للنقل وليست للقتل أو الترفيه ولا نستصغر ونقلل من بعض التعليمات والسلوكيات التي قد تكون صغيرة في حجمها كبيرة في أضرارها
وتأثيرها.
من فضلك أنت وأنتِ ليس هذا طريق المحبة الصحيح فأعيدوا توجيه البوصلة ولنفعّل الحدس الإنساني قبل المروري ودمتم سالمين…