تبعًا لقانون الجذب عند الكثير من العلماء فإن الإنسان يزرع بداخله مبادئ يؤمن بها ويعززها ببراهين قوية تساعده على تسلق الجدران وتعمل كقوة مغناطيسية تجذب له النجاح بقدر قناعاته بها، وقد يُسْقط نفسه في القاع حينما يتمادى في أخذ جرعات عالية من التفكير اللامنطقي يؤمن به ويبني قرارته عليه لأنه ارتبط به بقوة جاذبة. ويمثل ذلك جيدًا ارتباطنا بعلاقات وشخصيات تناسب لغة تفكيرنا فشبيه الشيء منجذب نحوه، وهذا ما فسّره علماء قوة الجذب من انفصال أشخاص في علاقات مختلفة لأنهم لا ينجذبون لبعض وتكوينهم الروحي غير متوافق.
يقول المولى (عزّ وجل):
{الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [سورة النور: 26].
كما أنّ هناك الكثير من الناس ممن يبرمج تفكيره على القلق؛ فيجذب الأحداث المظلمة ويتبنّى الفكر المتعقّب لأسوأ الأمور، فنراه مبالغًا في الخوف على أولاده يحاصرهم بين سياجه الأمني وبين التّرقّب للمجهول الأسود؛ إلى أنْ يُصاب بفقد أحدهم قضاء وقدرًا.
من جانب آخر، عندما نُحلّق في ذكرياتنا فسوف نلاحظ الماديات المحسوسة توثّق الأحداث المؤلمة أو السعيدة حسب مرورها مصادفة. فالكثير من السيدات لا يُحبّذن شم روائح عطرية معينة لأنها تُحفّز ذكريات فترة الوَحام التي تمرُّ بها المرأة أوائل فترة الحمل التي كانت تعدّها حالة مرضية وهي أبعد ما يكون عن المرض؛ إذ تمكّنت الدراسات العلمية من إثبات نتائج رائعة عن الوحام، وقدرته المرتفعة على الحفاظ على صحة الأم وإبقاء جنينها في مأمن من التشوهات المختلفة.
وبإيجابية تضجُّ تفاؤلًا نلحظ إحدى السيدات وهي تحاول نشر رائحة العطر الذي كانت تستخدمه أثناء فترة الوحام لأن رائحته تذكرها بمولودها البكر، ويصبُّ في ذلك الاتجاه نفورنا من طعام أو مكان لا نحب التواجد فيه لأنه يذكرنا بأحداث مؤلمة.
إلا أنّنا نرجح القول بأن الإنسان يخلق في الأحداث التكوينية إيجابياتها وسلبياتها، فالشخص الإيجابي يرى الجمال متجسدًا في جميع تفاصيل الحياة ثم يبني حوله مملكات جمالية يراقص فيها خياله الواعي إلى أن يصبح حقيقة، بينما الشخص السلبي يخلق المنغّصات، ويستحدث المشكلات ولو أنه سكن الفردوس الأعلى من الجنان سيقول: الله يرحم أيام الدنيا.
وقليل من التّبصّر الإدراكيّ في دوران قرص الحياة لن يُسمح بأفكار مشوّشة تغزو أعماقنا وتبعدنا عن الهالة المشعّة بحسن الظن بالله تعالى.
فكم من الخيالات الإيجابية عززت أحداثًا مضى أصحابها في مركب السعادة! وكثير من الأمور ظاهرها الألم وباطنها انشراح الصدر، إلا أننا نجهل فهم فنون الحياة ونحاول رسم الأقدار حسبما يحلو لنا، ليعلو في النهاية قدر الله وقضاؤه نجمًا ساطعًا يُضيء لنا جنبات طرقاتنا.