الغرور العلمي

عاهة شاذة ومختلفة عن السلوك الطبيعي يعاني منها بعض طلبة العلم أو طلبة التخصصات العلمية الأخرى في مجتمعاتنا المعاصرة، وهي: عاهة التكبر الزائد، والإصابة بالغرور العلمي، وهذه الصفات النفسية جعلتهم يسيئون بآدابهم وأخلاقهم ويحتقرون الناس، ويتفاخرون بالعلم الذي وصلوا إليه بدرجة مبالغ فيها.

ومرض الرياء والذي يجعل الإنسان يظهر العمل الصالح أو العبادات أو الطاعات بهدف إراءة الناس، وبالطبع إن الرياء في العبادات والطاعات محرم في الشرع ومفسد لها، وقد روي عن الإمام علي (عليه السلام): “إنّ أدنى الرياء شرك”.

ومرض الرياء والغرور جعل بعض طلبة العلم في مختلف التخصصات يصابون بأمراض أخرى مثل المرض الفكري المستعصي وهو: اضطراب الشخصية شبه الهستيري، فإن هذا المرض يجعل الشخص يستمر بالسعي في لفت انتباه الآخرين ومحاولة نيل إعجابهم، فعلى سبيل المثال: شخص يحاول أن يثبت إلى الناس أنه شخص لديه طاعة وإيمان قوي بالله أو يظهر عمله الصالح للناس من أجل أن يمدحوه، وهو في السر خلاف ذلك.

وبعض طلبة العلم يعتقدون أنهم وصلوا إلى الكماليات الدينية والإيمانية، إن هذه الحالة تجعلهم ينظرون إلى إخوانهم المؤمنين على أنهم مذنبون ومريضون نفسياً. بالطبع تعتبر هذه الحالة مرضًا وعجبًا بالنفس، إذ لا يوجد إنسان معصوم أو لديه الكماليات الدينية والإيمانية على وجه الأرض غير الأنبياء والأئمة المعصومين (عليهم الصلاة والسلام).

كما أن لدى بعض طلبة العلم التشدد التطبيقي الديني أو التعصب لآرائهم الدينية عندما يختلف معهم الطرف الآخر في الأفكار والآراء، وبالطبع عند الدخول معهم في النقاشات أو حصول الاختلافات في الحوارات الدينية؛ ستكون لديهم حالة الكراهية والعصبية الشديدة.

المعضلة الكبرى أن بعض طلبة العلم كأنهم أوصياء على الناس أو وكلاء على خلق الله، وبعضهم دائمًا يتشددون على الناس وخصوصًا فئة الشباب، ويحاولون دائمًا فرض آرائهم بالشدة والقسوة، واعتقاد أن آراءهم دائمًا على صواب؛ ويمكن أن نسمي هذه الحالة الإعجاب بالرأي الناتج عن الغرور العلمي.

فنحن كمجتمع لو حاولنا إيجاد الحلول لهذه الظاهرة، فبالطبع أنها بحاجة إلى أهل الاختصاص في الدين، وأيضًا من تكون لديهم الخبرة العالية للتعامل مع مثل هذا الجدال الديني والفكري الصعب.

وهذا الكلام لا يعني أن جميع طلبة العلم كذلك، بل هناك من الطلبة من يتصف بالتواضع للناس، والتعامل مع الآخرين بلطف ورفق.

فالمجتمع لا يستغني عن طلبة العلم لأنهم الأقدر على فهم الدين وأحكامه، ولكننا بحاجة إلى طلبة قادرين على فهم المتغيرات المعاصرة، وفهم لغة الشباب وتفكيرهم.


error: المحتوي محمي