الغائبون مدى الحياة

الغائبون مدى الحياة، الذين غطت ملامحهم رحمة بيضاء، فتركوا الأحلام والأماني تتسلق القلوب وناموا، الذين ينتظرون يدًا من حرير تمتد لهم ليستيقظوا.

تطل أرواحهم من شرف الغيم شوقًا، عندما ننسى إهداءهم الصدقات والدعاء، في زحمة هذه الحياة، فيطلون كطفل يقف عند الباب، في انتظار هديته الصغيرة في نظرنا، والكبيرة في نظره.

تزور الأرواح منازلها، وتمر دون أن نراها، والأبواب والنوافذ موصدة، ليس لها إلا أن تهيم في شوارع المدينة حزينة، ليس لها أحد في هذا الليل العابر.

وحيدون في حدادهم الروحي، لا يملكون لغة للحوار مع الأحياء، لا يملكون وسيلة سوى خدش الذكريات في أحلامنا، علها تترك أثرًا في نزق العتمة فنتذكرهم.

متعبون مثل رصيف المحطات، مثقلون من حقائب معبئة بالحنين، ومثقلون بصفارات القطارات الحزينة، فقد ماتت المسافات بيننا، وانقطعت السكك المؤدية إلى ملامحهم، وبقت صورهم عالقة في ضوء مصابيح الذاكرة، لن تنطفئ أبدًا.


error: المحتوي محمي