الإدارة والاحترافية المطلوبة

يخطئ الكثير ممن يظنون أن الإدارة فزعة أو عزيمة أو ثقة في النفس، أو لملمة أفراد لتسلم مهمة بغض النظر عن غرضها، ودوافع راغبيها.

بعض هذه العوامل مهمة، ولكنها ليست بأهمية مقومات ضرورية افتقادها لا يؤهل من يريد الانخراط في العمل الإداري، بغض النظر عن نواياه.

هذه المقومات تتمحور حول الحرفية والاحترافية والتي تأتي الخبرة الكافية كواحدة من أهم عناصرها، والتي تكتسب من خلال التمرس في ذات المجال الذي تنشط فيه الإدارة بقيادتها من خلال التدريب العملي والاختبار والعمل الفعلي والمراقبة حتى يحوز المرء فيه على الرضا والضوء الأخطر والذي يكتسبه من خلال عيون الآخرين، تلك التي تراقب العمل والإنتاجية وجودتها والنجاح في نهاية المطاف.

هذا ما يسمى بالتجربة العملية الفعلية والمشفوعة أصلاً بمتطلبات أصيلة ومكتسبة، أما اختراق كل ذلك والقفز فوق الأمر الواقع وفرض الذات من دون أي مؤهلات، أو اقتناع الطرف المعني من الجمهور المحيط أياً كان، أو على الأقل إقناعه، بعرض ما يبشر من خلال الوعود الواقعية والخطط المقنعة، حتى يمكنه الاطمئنان لها، وبالتالي مقارنتها بالنتائج لاحقاً والحكم عليها بالفشل أو النجاح.

إقحام المرء نفسه في معترك هو ليس مؤهلاً له من الأساس، وانتهاز الفرص من خلال حمية أو غيرة أو فزعة أو شهامة مفتعلة أو حقيقية، أو ربما حسن نية، لا يعني أبداً أن ذلك يعطي الضوء الأخضر الدال على الأهلية، فهذا الأمر مصيره الفشل على الأمد القريب فضلاً عن المتوسط والبعيد، كما أنه يؤدي إلى القضاء على أي منجز ونجاح سابق تحققه منظومة بعينها، إذا لم يأتِ لقيادتها من هو أكفأ من سابقه، ومن يقدر عمل من قبله، ويكمل مشواره بما هو أفضل، في سبيل تحقيق نتائج ونجاحات ملفتة تضاف وترفع من سقف النجاحات المحققة سابقاً.

الأفضل عادة في هذه الحالات هو المزج بين الخبرة المؤَهلَة والطموع الشبابي الواعد والذي يريد بصدق أن يؤدي دوراً جدياً سواء كان خدمياً أو خلافه في مجالات العمل التطوعية أو الرسمية بعيداً عن الأنانية والنظرة الدونية القاصرة بتحقيق منجزات فردية شخصية، نقول دوراً ملفتاً يهدف إلى تأهيل طبقة أخرى من العاملين التنفيذيين أو إداريي الإدارات الوسطى والعليا، حيث يكون ذلك من خلال الممارسة الميدانية كما ذكرنا حتى يصل الحال بهم لدرجة الإتقان ومن ثم تسلم المهمام بعد اجتياز ما نسميه؛ الحد الفاصل ما بين الإقدام والاقتدار، لأن الإقدام على خوض غمار العمل لا يعني بالضرورة امتلاك الاقتدار والقدرة على إنجازه بإتقان وبنجاح مأمول ، فالقوة والشجاعة والعزيمة ضرورات، والعقل والحكمة والأهلية ضرورات أخرى ولكن أكثر وأولى في الأهمية، وبلا جدال.


error: المحتوي محمي