فيروس التنافر وصل مبلغًا عظيمًا، دخل في وسط العائلات ويحاول بأقصى ما يمكن القضاء على ما تبقى من تودد وتواصل، مقاومته صعبة بطرف واحد وتحتاج إلى إجماع.
لا يمكن التقارب وأحد الأطراف يهرب، وما هذه القطيعة والعزلة إلا هروب من مواجهة الواقع الذي لا يرتضيه، ويريد كل شيء ولا حق لغيره فيما هو آخذه.
سابقًا، لم تكن أبدًا هكذا، وفي هذا الحاضر حين يطمع البعض ويبتلى بالحسد، يصيبه فيروس التنافر، يسلب منه الكثير من الذين حوله ولا يبقي له إلا أمثاله.
انتشار فيروس التنافر بين الأقرباء والناس ليس بظاهرة طبيعية، إنها معدة ومقصودة، كأن شيئًا من أعلى، عمل على هذا ونثر هذا الرذاذ حتى أصبح أنهارًا.
فيروس التنافر داء عضال، أصبح يتمدد ويزداد، ويتفرع منه الحقد والحسد، ولا دواء يشفي منهما ويزيلهما غير الإيمان والإيثار، وكلما قل هذا زاد الآخر.
أما آن لهذا الفيروس أن يتركنا، زرع فينا الكثير من التنافر ومحبة الذات، والبعد عن الأقرباء والناس، وجعل الغالب منها مزيفة، مجاملات وابتسامات.
فرحنا بهذا التطور والإقبال نحو التكنولوجيا وأدوات الاتصال، لكنها زادت على التباعد أميال بكثرة الإهتمام بها والسعي في اقحامها في غير مجال.
لو قدر لهذا الفيروس أن لا يتكاثر ويموت، سترجع كل تلك الأشياء التي تقرب الناس ولا تبعدهم، ونعاود العيش من جديد في تلكم القلوب والأنفس والأجواء.
فيروس التنافر المستفحل جعلنا نخسر أكثر، القضاء عليه حان حينه، وتركه يتكاثر هكذا ليس في صالحنا، بالمواجهة الجماعية والتنازلات، يزول ولا يعود.
سعة الصدر والمبادرة بالتي هي أحسن، من الأدوية الفعالة للقضاء على فيروس التنافر، والبذل يعاجل في زواله، ولكنه مع الحاقد والحاسد قد لا يفيد.