
هو عنوان رسالة غدت تُبعث من أجداث الرسائل مجهولة المصدر وتتداول كل عام خاصة ببداية هذا الشهر، وربما حتى غدت تتداول بشهور أخرى مثل شهر ربيع وغيره، ولا أستبعد أبدًا أن تأتي غدًا لتبارك بشهر رمضان المبارك بنفس الصياغة!!
فحوى الرسالة ينبيك عن ركاكة أسلوب واضعها والذي يُثبت أنها ملفقة وبها ادعاء وكذب على الرسول الأعظم (ص) وليست من مصدر موثوق.
نعم هناك أعمال عبادية، وخاصة في هذه الشهور المباركة شهر رجب وشعبان وشهر رمضان، قد تجد ثواب بعد الصلوات، مثلًا تحريم من النار، أو دخول الجنة، أو تخفيف سكرات الموت، أو عبور الصراط بطرفة عين، وغيرها من الجزاء العظيم بمختلف التعبيرات في الروايات الشريفة لفضيلة هذه الشهور وجزاء العامل المخلص فيها عند الله.
وهذا كله بالطبع على الله يسير وهو الكريم اللطيف بأمة رسوله الخاتم (ص) الذين وسمت أعمارهم بأنها أقل من أعمار الأمم السابقة للأنبياء فعوضهم الله بشهور عظيمة وليالٍ أعظم مثل ليلة القدر يتهيئون لها من بداية هذا الشهر لينال العامل فيها جزاء عبادة سبعين سنة، مع التأكيد على تفاوت الجزاء على حسب كيفية العمل ومعرفة العامل فيه.
لكن أن تكون مجرد مباركة الأحباب بهذا الشهر الذي لم يتحدد بمضمون الحديث المنقول بالرسالة سببًا في التحريم على النار، هذا شيء به استخفاف بالعقول.
نحن نعلم أن هذا ليس تعجيزًا بقدرة الله جلت عظمته، وحاشى قدرته أن يعجزها شيء، وهو القادر على إدخال جميع عباده للجنة بدون عمل، لكن مقتضى عدله يجري على خلقه ليجازي العامل في دنياه.
أوليس على قدر المشقة يأتي جزاء العمل؟ فهل نتوقع عقلًا أن يتساوى من يبارك بشهر رجب مع من يمتنع من الذنوب ويتقيها، ليحرم الجميع من النار؟!
نحن وفي عالم الدنيا نمقت من يساوي العامل المجتهد مع العامل البليد، فكيف نرتضيها ونتوقعها مع رب الأرباب العادل الحكيم؟
قد يجد البعض أن هذه مبالغات ولا أحد يقصد كل ذلك من إرسال رسالة عادية متداولة، لكن المقصد أن بعض الرسائل تعد مثل السموم السارية التي قد لا يعرف البعض مع الأيام إلى ماذا تؤدي وتفتك بالعقائد.
وهذا ما يجري حاليًا للأسف والذي قد يستسهل البعض الإرسال والنسخ واللصق فيه لأي شيء يصل له عبر وسائل التواصل دونما وعي أو إدراك في المضمون والنتيجة، فقد تجد أحدهم يرسل لك مقطعًا لقصيدة بطور حسيني ولكن محتواها استهزاء بشيء ما مثل قضية التتن مثلًا منذ فترة وانتشار الإشعار عليه، البعض يرسلها كأنه نوع من الطرافة، ولكني أعتقد أن هذا فيه تنقيص لبعض الشعائر المعظمة لدينا.
أو يرسل أحدهم تحميد وشكر لله بصيغة من وهبه الله نعمة مولود أو نعمة عظيمة بعد حرمان مثلًا ليتضح بالنهاية أمر يُقصد به النكتة والطرافة كشرب كوب شاي مثلًا!! وكأنه استهزاء بالله ونعوذ بالله من ذلك.
{وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ }
الكثير منا يحب إرسال ما يرسم الابتسامة، ولكن فلنكن حذرين مما نرسل لأن هناك أمورًا تدخلنا للمحظور الذي يزعزع عقائدنا دون أن ندري، فقط علينا أن نتريث قليلًا ونفكر قبل الإرسال، ولا نعتني بكمية المرسلِين وحتى نوعياتهم لأنه قد تستغرب أحيانًا من شخص لا يرسل أبدًا شيئًا وتراه يومًا قد وقع بخطأ الإرسال، فليست الكثرة تعني أن المرسول صحيح وأكيد، {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُون}