الكعبة الشريفة غذاء روحي أكثر من أنها موقع جغرافي

البعض يحاول أن يقدم العربة قبل الحصان ربما من زاوية العاطفة فيستعرض إعجازًا علميًا، من الأمثلة التي شاهدتها بنفسي في أحد المجالس، كان يوجد متحدث وجميع من في المجلس يصغي إليه، وصرح بأن الكعبة الشريفة مركز الكرة الأرضية، وبعض من في المجلس هلل وكبر ربما من باب العاطفة أو بحسن النية، ولكن تقديم الدين بهذه الطريقة يعود علينا بالنقد والتجريح.

كذلك قام الدكتور حسين كمال الدين، رئيس قسم هندسة جامعة الملك سعود بالرياض، باستخراج نظرية “الإسقاط المساحي المكي للعالم”، حيث أثبت أن مكة المكرمة تكون مركز الأرض اليابسة، كذلك الباحث الدكتور أحمد دراج بجامعة القاهرة في كتابه “الكعبة المشرفة وسط الدنيا” بأن الكعبة المشرفة وسط اليابسة للكرة الأرضية، تقدر للباحثين جهودهم، فإن الله لم يصف الكعبة ببناء أو إنشاء أو معمار، بل وصفها بكلمة “وضع”، فالكعبة أول بيت وضعه الله على وجه الأرض في قوله تعالى {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ}.

أخي الكريم أختي الكريمة، إن الكعبة تشكل لنا درسًا روحيًا أكثر من كونها موقع في مركز الكون أو مركز الأرض، فعندما تدخل مكة قف مع نفسك في إعادة الحسابات و انزع الأغلال التي حبستك بها الدنيا، فإن كنت صاحب أموال فألق بخزانتك في هذا المحيط، وإن كنت صاحب جاه فاخلع ثوب الوجهاء في هذا المكان.

في هرولتك بين الصفا والمروة تذكر موقف السيدة هاجر حين أطاعت زوجها في الجلوس في هذا المكان لا طعام ولا ماء، وكيف أن الله أكرم السيدة هاجر بإحسانه، فالعبرة من الزيارة طاعة الله في ما أمر به وأخذ الدرس الروحي في هذا المكان وأنت تتوحد في اللبس الخارجي مثل باقي المعتمرين، مما ينعكس على روحك الداخلية، فندعو من الله التوفيق أن يكون لنا هذا الغذاء الروحي زادنا في الأعوام القادمة.


error: المحتوي محمي