“في الواقع أشعر أنني أصطحب ابنتي للتعذيب وليس للتعليم!”؛ عبارة أطلقتها إحدى الأمهات وهي تشكو معاناتها مع ابنتها التي تُرجّح أنها تعاني من صعوبات التعلم؛ حيث تذهب بها للمدرسة فقط للتقييم بعد أن تتعلم طوال النهار بالبيت، وتعيش الضغط معها لتشعر منه بذنب جعلها مضغوطة؛ فقط لتجاري زميلاتها في الصف ولا تكون أقل منهن.
ووصفت معاناتها بأنها تحاول أن تبني في ابنتها لكن المعلمة تحطم في المدرسة، حيث إن المعلمة لا تتفهم حالة ابنتها التي تدرس بالصف الأول الابتدائي مهما طلبت منها معاملتها بشكل مختلف قليلًا، فكانت تملأ دفاترها بكلمة انتبهي بقلمها الأحمر رغم معرفتها أنها لا تعرف قراءتها، وتذكر 30 طالبة من أصل 34 طالبة لتكون ابنتها من ضمن هؤلاء الأربعة اللاتي لم ينجزن؛ مما يزرع فيها إحساس الفشل ويفضي بنتائج عكسية.
بدوره، أجاب اختصاصي صعوبات التعلم بديع سلمان سهوان عليها بضرورة توفير الاستقرار النفسي، وتجزئة المهام المطلوبة من ابنتها رغم استنكاره وجود بعض المهام التي تكون بصفة يومية للأطفال، مضيفًا تعزيز الجوانب التي تحبها وتحفيزها بإعطائها إياها، مع اتباع الأم أسلوبًا جيدًا وقوانين منظمة وغير عشوائية في المذاكرة.
جاء ذلك خلال محاضرة “كيف نتعامل مع ذوي صعوبات التعلم ” التي نظمتها اللجنة النسائية التابعة لجمعية العوامية الخيرية، وقدمها آل سهوان مساء يوم الثلاثاء 5 مارس 2019ن، بقاعة الحوراء بحضور 52 رجلًا وسيدة.
وأوضح آل سهوان في بداية محاضرته أنه بمجرد دخول الأبناء المدرسة تتضح للأسرة بعض العلامات التي قد تواجههم بصعوبة تعلمهم مثل فرط الحركة أو الكسل والخمول أو التشتت وعدم الرغبة في الدراسة.
ووجّه إلى أن أغلب الطلاب الذين يعانون من صعوبات تعلم قد يعانون من مشكلة مركبة من مشاكل أكاديمية ومشاكل نفسية كالقلق والخوف، والتي يكون سببها المعلم أو المجتمع أو البيئةأو الأسرة.
ونصح بعدم مسارعة الأهل لمساعدة الطفل في حال السقوط ليقوم بنفسه، موضحًا أن الإهمال مثل الحماية الزائدة تؤدي لنفس النتيجة.
وأكد آل سهوان إلى أن كثيرًا من المبدعين كانوا فاشلين في المجال الأكاديمي لكنهم أبدعوا في مجالات أخرى، وبيّن أن معاناة الأم مع طفلها تنتهي بمعرفة السبب وراء معاناته فتقوم بالتدخل المبكر لعلاجه، وأن الطفل ذا صعوبات التعلم يعاني من مشكلة ما فلابد من عمل الإجراءات اللازمة للتعامل معه.
واستعرض المشاكل التي يواجهها معلم الصف مع الطلاب ذوي صعوبات التعلم مثل سرعة الفتور وتشتت الانتباه، وعدم إتمام المهام، وكثرة الحركة والالتفات والتجول داخل الصف، والاعتداء على الآخرين أو تحطيم الأشياء، وعدم تنظيم الأفكار، وعدم القدرة على التكيُّف.
وطبّق آل سهوان مع الحضور تدريبًا باسم “كن مكاني” والذي كان جزءًا منه يحكي معاناة طلاب ذوي صعوبات التعلم خلال القراءة مع المعلم حيث إنهم لا يجيدون القراءة ولا يدركون المقروء، ويتلقون كلمات من المعلم تستعجلهم وتربكهم، والجزء الآخر يتناول معاناتهم في الكتابة حيث طلب من الحضور الكتابة باليد اليسرى وانتهاء الوقت وعدم الانتهاء من المطلوب، ليستشعروا معاناة طالب صعوبات التعلم في عدم إتمام المهام المعطاة له.
وحدد الفروقات بين صعوبات التعلم وبطء التعلم والتأخر الدراسي، مشيرًا إلى أن صعوبات التعلم تنتج عن قصور في الإدراك وخلل في الدماغ لا يمكن علاجه لأنها اضطراب وليست مرضًا، لكن يمكن تخفيفها وتستمر طوال الحياة، منوهًا إلى أن ذوي صعوبات التعلم يكون ذكاؤهم أعلى من المتوسط وأغلبهم يملكون مواهب لكن تحتاج إلى من يكتشفها وينميها.
وتخلل المحاضرة عرض لعدة حالات وتدريبات للحكم عليها إما بصعوبات تعلم أو بطء التعلم أو تأخر دراسي، مع توضيح ما تحتاج له كل حالة، مع التأكيد على أن تشخيص الطالب لا يكون من خلال الأشخاص أو الجهات المادية بل من خلال جهات معروفة ومراكز اختبار، يتم من بعدها عمل الإجراءات اللازمة له إن كان هناك صعوبات تعلم بالتشخيص.
وكشف آل سهوان عن بعض الألعاب والوسائل التعليمية التي قد تساعد ذوي صعوبات التعلم، مؤكدًا على إيصال المعلومات بالفهم وبأساليب غير تقليدية في الحفظ والاستيعاب، مع التنوية إلى أن قلة الاستخدام تؤدي إلى الفقدان.
واختتمت المحاضرة بالرد على استفسارات الحضور، وتكريم رئيس الجمعية لآل سهوان مع عدد من المتطوعين بالجمعية الذين كان لهم دور في إنجاح حفل تكريم المتطوعين الذي أقيم يوم الأربعاء 27 فبراير 2019م، وهم: سلمان أتحيفة وطاهر آل درويش وخلود آل سعيد.