الألعاب الإلكترونية، أصبحت تشكل هاجسًا، يقض مضاجع الأسر، كونها أخذت الجزء الأكبر من الفترة الزمنية في دقائق حياة الطفل، لتصل لدى بعضهم إلى درجة الهذيان والهوس بها، تُبصره يعيش اللعبة، ليس فقط أثناء اللعب، وإنما يعيشها عبر أوقاته الأخرى، مُنشغلاً عن دراسته حينًا، وآخر عن حياته الاجتماعية والأسرية، تُقاربه شارد الذهن.
وفي المقابل، تقف بعض الأسر في مواجهة المشكلة؛ باتخاذها بعض الأساليب التي لا تتوافق مع المرحلة العمرية للطفل، وتدرجه في النمو، مما يجعله يُواجهها بالرفض اللفظي، أو الواقعي، كردة فعل معاكسة.
الألعاب الإلكترونية، لا يقتصر الأمر فيها على الوجهة السلبية وإن وجدت بكثرة فإنها لا تخلو من الإيجابية، إذا كانت هناك ثقافة، تأتي ملهمة؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر-، “بيل غيتس”، صاحب شركة مايكروسوفت، ألم يبدأ من الألعاب طريقه ناحية التألق والمعرفة والبحث والتقصي؟ إنه اتخذها -اللعبة-، من زاوية تنمية العقل، والابتكار، ليُصبح من أغنياء العالم.
أجاب بيل ذات يوم في مُؤتمر صحفي عن سؤال؛ ما سر نجاحك؟ ليرد بابتسامته المعهودة: كنت ألعب، ثم سكت قليلاً، وقال: “لكنني كنت أرى اللعبة عملاً جادًا للغاية”، ثم استأذن متحدثيه، وقال: “ورائي ألعاب جادة، يجب أن أقدمها للناس، بعد إذنكم، فوقت اللعب أغلى من الثرثرة”.
إن المشكلة تكمن في الثقافة، وكيفية التعايش معها، بدلاً من حالة الرفض، كخيار كلي في مواجهة المشكلة، لينزل الأبوان إلى مستوى الطفل، يُجالسونه أثناء اللعب، يُراقبون نوعية الألعاب، وعلى إثره، يتم التوجيه، إضافة إلى استغلال اللعبة في تفعيل الإثارة الذهنية -العقلية -، من خلال اكتشاف أسرارها، أو ما يكتنفها من طرق ذكاء، أو غيرها، مما يفعل الجانب الإيجابي، فلا يكون الاقتصار على تنظيم الوقت، حيث يُحدد الوقت، الذي يقومون فيه بممارسة اللعب، والآخر الوقت، الذي يتوقفون فيه، كخطة علاجية عن الإكثار.
إن الاكتفاء بالعامل الزمني فقط، يُنتج حلاً مُؤقتًا، لا فاعلية فيه، سوى أنه يُؤطر مدى سلبية التعامل، مع هذه الألعاب الإلكترونية، في حين أن الأمر ليس محصورًا على المدة الزمنية، ولكنه يُعنى بتحلي الأبوين بالثقافة والوعي، وكيف يجعلان من الألعاب الإلكترونية، منصة من خلالها، يكتسب الطفل مهارات، يحتاجها، كمهارة التفكير المنطقي، مُتزامنًا، مع ثقافة الترفيه، وكيف ينبغي لها أن تكون. وعليه لن يعجز الأبوان عن استغلال، ما تحتويه الألعاب، لبث المبادئ، والقيم، والأفكار، وتثقيفه، لينظر لها من زاوية، تكون أكثر صفاء، إذا كانت اللعبة حقًا تحتضن ذلك، ولم تكن لعبة سلبية الطرح، لا أخلاقية الوجود، حينها يُمنع من ممارسة ما يخل بالآداب، والأخلاق، وما يبعث على التبلد، ويُرهف العقل، ليخمده، بعيدًا عن الرفض الكلي، فإنه من الصعب جدًا منع الطفل عن اللعب، وإن كانت من خلال الألعاب الإلكترونية.