في القديح.. آل إبراهيم يبدد قلق الوالدين من مشاكل بلوغ التوحديين

ناقش 25 شخصًا قضايا البلوغ المرتبطة بمرحلة المراهقة عند التوحديين، وكذلك المسائل الشرعية المرتبطة بالتكليف الشرعي لهم.

وتساءلوا عن كيفية التعامل معهم وفق القدرات والمهارات التي يمتلكونها، والتي تشعرهم بالخصوصية التامة بحيث يكونون قادرين على حماية أنفسهم، بما يكفل لهم الاستقرار النفسي والأسري والاجتماعي.

جاء ذلك في محاضرة “المراهقة والبلوغ لدى التوحديين”، التي نظمتها مجموعة “نتحد من أجلهم” يوم الأحد 19 جمادى الآخرة 1440هـ، في قبو منزل السيد كاظم العلويات بالقديح.

واستهدفت المحاضرة آباء وأمهات الأطفال التوحديين، وقدمها لهم مدير مركز البيت السعيد للتدريب الاجتماعي بصفوى فضيلة الشيخ صالح آل إبراهيم.

وأكد الشيخ آل إبراهيم في مستهل حديثه على أهمية الدور الذي تقوم به الأسرة في رعاية الطفل الذي يعاني الإعاقة، والذي يكون بصورة تكاملية بما يقدمه ذوو الاختصاص في التربية الخاصة في المراكز التأهيلية التي تحتضن هذه الفئة، متناولًا محورين مهمين وهما؛ المسؤولية الأسرية تجاه الطفل التوحدي، وقضايا المراهقة والبلوغ عند التوحديين.

وبنى ما يتعلق بقضية التكليف الشرعي على قاعدة “إذا أخذ ما وهب سقط ما وجب” حيث إن التكليف يقوم على شروط وهي؛ بلوغ السن التكليفي وهو 9 سنوات للفتاة، و16 للصبي، مع وجود العقل والقدرة، مركزًا على شرط العقل الذي يكون بالوعي والإدراك للأمور، قائلًا: “وهنا يكون تكليفه وفق حالة بذاتها”.

ودعا الوالدين لمعرفة ما يتمتع به الابن التوحدي من خصائص متميزة، ناصحًا بأخذ هذه المميزات كمدخل لتوصيل المعلومة له سواء كان ذلك بوسيلة التكرار أو النمذجة في القول والفعل من المحيطين، مرجعًا ذلك إلى أن طفل التوحد باستطاعته الإبداع في بعض المهارات وأن صفة التكرار السلوكي هي الصفة البارزة عنده.

وأشار إلى أن البرامج التربوية تجمع على أهمية رعاية الطفل المعاق وذلك استنادًا على عدة عوامل وهي؛ أن الأسرة هي الحضن الذي يعيش فيه الطفل ويقع على عاتقها الدور الأكبر في تربيته، كما أن المختصين برعاية الأطفال لا يستطيعون رعايتهم بمعزل عن الأسرة التي تتولى التأهيل والتدريب المستمر.

وطالب بتفعيل الدور الذي تلعبه الأسرة وفق المسؤولية الإنسانية والإلهية لتجاوز المشكلات النفسية والتربوية التي تواجه الطفل التوحّدي؛ وأولها: تقبل الطفل المعاق وإشعاره بقيمته ووجوده بينهم، والحصول على المعلومات المرتبطة بالتوحّد وفهم الخصائص والاحتياجات المتعلقة بهم حتى يتمكن من المطالبة بها من الجهات ذات الاختصاص لتخفيف وطأة المشاكل النمائية التي يعاني منها، ويستطيع التعايش معها مع تقدم مراحله العمرية.

واستعرض الشيخ آل إبراهيم الحقوق الخاصة بالطفل المعاق بشكل عام والتوحدي على وجه الخصوص وهي؛ حق الحياة، والرعاية الصحية، والمعاملة بإنسانية، والعيش في مستوى معيشي لائق به، وحق الكشف والتدخل المبكر، والحصول على مصادر الدعم في المجتمع سواء كان من الأفراد أو المؤسسات التأهيلية، مشددًا على حقه في الدمج مع أفراد المجتمع من أقرانه أو العاديين.

من جانبهم، اعتبر الحضور هذه المحاضرة فرصة للتعرف على ما يجب عمله لأبنائهم فيما يتعلق بالأمور والقضايا الشرعية، التي يجهلها البعض أو يخجل البعض الآخر من البوح بها والسؤال عنها، مع انتقال طفلهم التوحدي من مرحلة الطفولة إلى المراهقة والبلوغ، وبما يجده من محدودية القدرات والمهارات التي لا تناسب عمره التكليفي.

وتركزت المناقشات حول معرفة كيفية اعتماد الطفل على نفسه في أمور الطهارة ومعرفة التغيرات الجنسية التي تحدث له، وضبط الاستثارة الجنسية عنده، وكيف يتم تفريغها بصورة إيجابية عبر نشاطات مفيدة سواء كانت رياضية أو فنية أو معرفية.

من جانبها، أفصحت إحدى الأمهات عن تجربتها الناجحة في تدريب ابنها ذي الـ8 سنوات على الاعتماد على نفسه عند دخول الحمام، لقضاء الحاجة، وكذلك في الاستحمام، والتي كانت بالبُعد التدريجي عنه، كما اتبعت معه نفس الطريقة في الأكل وتحديد نوعه، وسط حاجته إلى التكرار والتي تراوحت بين النجاح والإخفاق.

من جانب آخر طالبت إحدى الحاضرات بمشاركة الأمهات اللاتي لديهن أبناء توحديون وتجاوزوا سن البلوغ بعرض تجاربهن معهم، ويبينون كيف كانت؟ وما الوسائل التي تم اتباعها؟ وطرق رعايتهن لهم؟ للاستفادة من خبراتهن التربوية.

واختتمت المحاضرة بتكريم فضيلة الشيخ صالح آل إبراهيم من مجموعة “نتحد من أجلهم” التطوعية وتم توجيه الشكر له على ما قدمه من معلومات حيث أوجد طريقًا نحو التعامل الشرعي مع الأطفال التوحديين والذي قد يغفل عنه الكثير من الأهل.

يشار إلى أن مجموعة “نتحد من أجلهم” التطوعية تضم 50 سيدة من الأمهات لأطفال توحديين؛ وتأسست لتثقيف الأمهات حول اضطراب التوحد، وماذا يعني وكيف يمكن تأهيل الأبناء للتعايش معه، وبدأت الانطلاق عبر مجموعة واتساب كنوع من التواصل فيما بينهن وتطور الأمر إلى تقديم محاضرات للتعريف بالخدمات التي يمكن الحصول عليها لأبنائهن.


error: المحتوي محمي