كان حاملًا لكتب الملاية للقراءات الحسينية، لم تخل يد الملايات سابقاً منه، حال إمساكها بالمجموع “كتاب القراءة الحسينية” حتى يلاصقه الدسمال، وكأنه إعلان عن بداية القراءة، كان يلوح في مجالس العزاء إعلاناً عن الختام.
لم يكن استخدام الدسمال حكرًا على كبار الشخصيات هيبة الموقف، حدة الصوت “القارئة الحسينية” فقد تعددت استخداماته حتى بات له ارتباط وثيق بذكريات الطفولة، فرح توزيع الحلويات ونشوة تقديم العطايا، كان الدسمال لدى البعض حاملاً لعطايا الجدات، قطعة القماش الحمراء ذات النقوش البيضاء وشكلها المربع كانت أشبه بصندوق المفاجآت، للصغار والكبار، فما أن تشرع صاحبته في حل الرباط تبدأ حالة الترقب، ما الذي ستخرجه؟ وسيكون من نصيب من؟
صوت مفاتيح المنزل التي كانت تربط في طرف الدسمال مصدر للفت الانتباه، وجرس إنذار يعلن عن قرب الوصول، وصول المفاجآت، كالحقائب الشخصية حالياً كان للدسمال استخدمات عدة، يدل على شخصية وهوية صاحبته، تعطره بعطرها وعلامتها المفتاح.
يعود مسمى “دسمال” إلى الفارسية “دستمال”، وحذفت التاء لتخفيف النطق، وأطلقه البعض على غطاء الرأس “الشماغ” وله نفس الألوان الأحمر والأبيض، كما يُطلق عليه البعض “رومال” ويعود أصل الكلمة إلى اللغة الأوردية وتعني “منديل”، ومع اختلاف الألوان والمسميات كان الاستخدام واحد.
تحول الدسمال الآن لرمز أناقة تاريخي، إلا أنه تحول في الاستخدام من “حقيبة شخصية” حل بمنزلة أعلى “إيشارب يعلق على الرقبة تزيينًا للملابس”.
مؤيد المشقاب وهو صاحب مؤسسة لبيع الأقمشة يؤكد بقوله: “نسب المبيعات للدسمال ممتازة وعالية، البعض يشتريه للاستخدام الشخصي والبعض الآخر للهدايا والتوزيعات”، متابعًا: “عاد الدسمال للسوق قبل ما يقارب 3 سنوات، ولا يتجاوز سعره 10 ريالات، عاد للسوق بذات القماش، والجودة واللون، وعلى الرغم من وصول ألوان أخرى بذات النقوش إلا أن الأحمر اللون الأصلي يتصدر المبيعات، وتصل إلى مسامعنا ذكريات الماضي حال رؤية الزبائن للدسمال في المعرض”.
غاب الدسمال لسنوات، وحل محله الدسمال بألوان ونقوش مختلفة، كما غاب استخدامه، إلا أنه وفي الآونة الأخيرة عاد الدسمال الأصلي للسوق وبسعر لا يقارن بالأشكال والأقمشة الحديثة والتي يصل سعر بعضها لمئات الريالات، صمد في موجة الغلاء وعاد بعشرة ريالات وهو السعر الذي أكدته الجدات بفارق بسيط “8 ريالات” توسط الدسمال محلات الأقمشة وواجهاتها كعادته لافتاً للانتباه حاملاً للذكريات، مخبراً عن قصص الأمهات للأولاد، وكأنه أداة لاستحضار الذكريات والعودة بالزمن للوراء حاملة صور الراحلين ضحكاتهم، طلتهم وعطاياهم.