قليلة هي اللحظات التي تحرك فيّ جرأة الكتابة وعمقها، وتستدرجني بسرعة لألقي بجرأتي الخاصة هنا، لكن هذه اللحظة استثنائية يخالطها خجل خفي وعفيف، يتضمن نصي هذا والذي سيكون القريب إلى قلبي، اعذروني سأدلي بهذا الاعتراف، قال أحد الفلاسفة: “مادامت هناك حياة هناك أمل لدى المرأة”، ولكن دعني أقول أيها القارئ مادام هنا زوجي معي هنا الحياة والأمل لدي! قد تتعثر كلماتي وأنا أحاول أن أعترف إليك يا زوجي الفاضل، بأني أحببتك كما أحببتني وأني حلمت بك ذات عمر كما حلمت بي ذات طفولة.
سأهمس في سر دهشتي: أنت طهر ونبل الكون عندي في زحمة القبح والخذلان، ولعل بعض القراء يرمقونني بدهشة وحيرة وأنا أكتب عنك وأفتخر بك وأمجد فيك، ولا أجرؤ على إخفاء مشاعري القلبية الشاخصة نحوك، نعم وأنا أمتلئ بالزهو وألمح قامتك تسمو وتعلو لتضاهي قامتي المنحنية احترامًا لشخصك، ولكني شعرت أن فنجان قهوتي يبرد قبل أن أكمل النص، وسأكمل ارتشافه ببطء بسرد هذا الاعتراف الحميم حروف من ذهب، حيث يطيب لي جدًا الحديث والكتابة عن زوجي.
وإني إذ أكتب اللحظة عن إنسانيتك وسمعتك التي فاحت بالنبل، والحب، والاحترام التي ملأت قلبي بل تجاوزت نحو سعة السماء، فإني أكتب عن زوجي الإنسان الذي يشعرني بالسعادة والأمان في كل أوقاتي ويجعلني أطمئن بأن الدنيا بخير! ولحسن الحظ لسنا صغارًا لنكذب ولا كبارًا لننكر، وهكذا نستشعر صدقنا ببهاء مميز وسط دوامة الزيف عند البعض! صدقًا أتوجك أميرًا للإنسانية والأخلاق، وهذا أيكفي عرفانًا مني لك كونك منحتني السعادة معك.
ثمة أشخاص يثروننا بنبل أخلاقهم في حياتنا وأنت منهم أيها العزيز! دعني اليوم أعترف هنا أنني بعد أكثر من أربعة عقود على لقائي بك ما زلت مأخوذة باحترامك الذي ملأ إحساسي، وبلل قلبي وذاكرتي بوجودك، وابتسامتك، وهدوءك، ودهشتي بك بل وفخري كله أنت! ومعك وبك لا تزال عذوبة القهوة في فمي، والسعادة بصحبتك ترفض أن تبلغ سن الرشد. وحتى هذه اللحظة لا أدرك أحيانًا سر كونك رائعًا إلى هذا الحد، وصادقًا إلى هذا الحد، ومحترمًا إلى هذا الحد، ولعلني شخصيًا أضع زوجي في الإطار الذي يليق به عندما أصنع أدبًا من الواقع، بينما زوجي شخص يصنع من أخلاقه وأدبه واقعًا، ولعل هذا هو السبب جعله إنسانًا فوق العادة.
بكل صدقي أشكر ربي لأنه أرسلك لي، شكرًا لك عند حاجتي أجدك دومًا جانبي، وأنت من تقدر وتلتمس لي الأعذار دومًا، ولولاك لما كنت بهذه القوة ولولاك لما تعلمت أن أكتفي ،, نعم أنت من زرع بداخلي الورد! ماذا بوسعي أن أقول يا زوجي العزيز حيث لا طعم للقهوة إلا برفقتك، لكنني وباحتشام في خاتمة بوحي: تذكرت أنني أمتلك الحق في الكتابة عنك وبأعلى صوتي! حيث كل ما أردت قوله عنك يجب أن أقوله بشكل آخر، وإلا لكان البوح يرتسم بشكل أو بآخر هنا بين السطور، ولقد جعلت من بوحي رسالة لأجمع نبل الرجال الصادقين عبر حروفي متمثلة في شخصك، لأقول ما عجز عن قوله الكثيرون، وأملي أن يكون لبوحي ولو بصمة صغيره في قلبك.