في كثير من الأحيان ما إن تذهب لتجمع عائلي أو لزيارة صديق أو حتى في استراحة المستشفى أو السوبر ماركت، تصادف أطفالًا مع آبائهم أو أمهاتهم، فتلاحظ أن الطفل لا يحترم والديه، ولا يحترم ولا يخاف من الحاضرين، فيتلفظ بعبارات غير مهذبة ويصرخ مسببًا الإزعاج لمن حوله، ويشتم، ولا تجد من والديه أدنى استجابة أو ردة فعل على ما يقوم به هذا الطفل، فلا ينهرانه ولا يوبخانه، وكأن ما يقوم به شيء طبيعي وغير منافٍ للآداب أو الذوق العام، يقول المثل العربي: كن لابنك معلمًا وهو طفل، وصديقًا حين يكبر.
فاقد الشيء لا يعطيه
إن تربية الطفل يجب أن تبدأ قبل ولادته بعشرين عامًا، وذلك بتربية أمه كما قال “سيمور”.
في نظرة سريعة لعينة من العينات تجد غالبًا أن الوالدين بلا شخصية، أو أن أحدهما كان مثالًا لطفله، فالأب بلا شخصية لا يمكن أن يربي طفله، ولا يمنحه قوة الشخصية والثقة بالنفس، لأنه فاقد لهذا الشيء، كذلك الأمر بالنسبة للأم كما يقول المثل الإنجليزي “كما يكون الأب يكون الولد”.
يرضى بالأمر الواقع
كما تجد الكثير من الآباء والأمهات رضوا بالأمر الواقع، وأصبح الطفل هو المتحكم الفعلي بهم، فلا يستطيعون تغيير رأيه أو تقويم سلوكه، فيلجأ هذا الطفل للصراخ، والسباب، والبكاء وأحيانًا للضرب للحصول على ما يريد، في المقابل تجد أن الوالدين بلا حلول وبلا إرادة لتصحيح سلوك الطفل فيسارع لتلبيه رغبة طفله بلا تردد حتى يسلبه طفله القدرة على التوجيه والتربية الصحيحة، ويصبح الطفل صاحب القرار وربان السفينة.
سفينتنا تغرق
وبلا شك فإن ربان السفينة هذا طفل لم يغرس فيه والداه الأدب ولا السلوك الصحيح، ليصبح الأولاد واحدًا تلو الآخر نسخة مصغرة عن أخيهم الذي سبقهم وربما يصبح الطفل أسوأ حالًا من أسلافه، بسبب إهمال الوالدين وعدم المحاولة والمبادرة لتقويم سلوك الطفل في أسرع وقت كما يقول المثل الدنماركي “اللحم بلا ملح والطفل الذي لا تقومه يفسدان”.
هل هناك حل
نعم وإن ساء الوضع وتفاقمت المشكلة فلابد أن هناك حلًا كما يقول المثل الألماني “من يحب كثيرًا يعاقب كثيرًا” ليس المقصود هنا بالعقاب هو الضرب، فطرق العقاب كثيرة من شأنها تقويم الطفل ولكن بعد مدة من توجيه الطفل وتقويم سلوكه.
كيف أقوّم سلوك ابني
الكثير من الآباء والأمهات لم يبذل الجهد في القراءة والمطالعة في أسس وأساليب التربية الصحيحة، ولم يستشر أخصائيًا اجتماعيًا أو مربيًا، فلا غرابة أنه لن يستطيع تربيه ابنه وربما يفشل في مواجهة سلوك طفله، كما يقول تشسترفيلد: “أحسن توصية يحملها الإنسان للناس هي التربية الحسنة”، لذلك لابد للآباء المحاربة والكفاح من أجل تربية أبنائهم التربية الصحيحة، فالسلوك الحسن أفضل ما يمكن للوالدين غرسه في أطفالهم.
كما يقول المثل العربي “من أدب ولده صغيرًا سر به كبيرًا”، وكما يقول دانتون: “بعد لقمة العيش أول حاجة للشعوب هي التربية”، فعلى الوالدين تغيير أنفسهم أولًا قبل تغيير أطفالهم لأن الطفل سينشأ بينهم، كما يقول جوزف جوبير: “الأولاد بحاجة إلى نماذج أكثر منهم إلى نقاد”، فالطفل يحاكي ما يراه في بيئته ويحاول تقليد ما يراه، ومن هنا تبرز أهمية تقويم السلوك وتوجيه الطفل للوجهة الصحيحة، كما يقول الطنطاوي: “إذا أرادت الأم أنْ تُصلحَ بنتها فلتصلح أولًا نفسها”.