الحب كلمة جميلة لا تقتصر على العشاق، فبإمكانها أن تتسع أفقيًا ورأسيًا لتشمل الحقيقة والمجاز والقيم، الحب هو الزاد الروحي الذي يحتاجه البشر كل يوم وبه توَرِّق الحياة وبعدمه تكون فارغة، يتغلل الحب في فؤاد الابن إلى أمه والأقوى أن تجد حب الأم لولدها، يكون للحب معنى متى انبسط دون رابط دماء بين الناس لأن ما يجمعهم هو الوطن أو الدين.
ليس للحب ميعاد لكن له وعد، وقديمًا قال محمود درويش من لا يملك الحب يخشى الشتاء، نحن نخشى برودة أطراف الحياة وتجمدها، نبحث عن دفئها في التواصل لجريان دماء المحبة بين شرايين الناس والبيوت والطرقات.
الحب قيمته هو اليد التي تمتد بالوردة الحمراء وليس الوردة في ذاتها ولا عبيرها، فهو الذي يشكل ميادين الحياة وهو رحابة المكان وثروة الزمان، ما أجمل حب الأب حين يتفانى في تأمين حياة كريمة إلى أهل بيته، حياة لا تقوم على الماديات فقط، ما أروع حب الأم حين تحتمل تربية الأبناء وما أروع حب المجتمع حين يخلص إلى وطنه.
فهذه الشاعرة بنت الشاطئ (هند هارون) التي تحب ولدها فتناغيه:
رفيق الحب يا ولدي حنان الأم في الكبدِ
ويتعدى ذلك إلى أن يتغلغل الحب في قلب الابن إلى الأم، حيث يقول جبران خليل جبران من شعراء المهجر: “دعي قلبي يتلهبُ عطشًا، واتركيني أموتُ وأفنَى، قبلَ أن أمدَّ يدي لقدحٍ لم تملئيهِ أو كأسٍ لم تباركيهِ يا أمي الغالية”.
فالحب كذلك يمتد إلى الوطن، فما أجمل الذين يعملون ويضحون في سبيل بناء الوطن وفي سعادة من حولهم بتفقد أبناء وطنهم، لو أني تخيرت نموذجًا يدل على صدق حديثي لما وجدت نموذجًا أرسخ في حب الوطن وأبناء الوطن مثل بعض الجماعات، ومن ضمنها جماعة “الغنامي بالقديح”.
جماعة الغنامي لا يحددون زمانًا ليبسطوا الحب والعطاء بين الناس، في كل يوم و كل ساعة يجعلون للسعادة قداسةً وذكرى، يحيونها عند ما تكاد الابتسامة تحتضر وتموت على شفتي أحد أبناء المنطقة، فبعض الأحيان الإخلاص والحب إلى الوطن يتمثل في جبل على سطح الأرض، لكن هذا الجبل مدعوم بقاعدة لا نراها في الأسفل تبلغ عشرات الأضعاف من الارتفاع الظاهري، وهذا ما يمثله جماعة “الغنامي” في إخلاصهم للوطن وأبناء الوطن بقاعدة قوية لها دعمها وقوتها.