فسحة الأمل

تنفس الصبح من إشراقة الحلل
وطرزته نهى الأحلام والمقل

مدت إليه المنى أفياء شرفتها
وحار هدب الوفا في مجدها الأثل

وزقزق البِشر مفتونًا بطلتها
كأنه نجمة تهفو إلى القبل

ما حاد عنها رفيف الوجد ملتهبًا
إلا رعته أكاليل من المثل

يسمو الربيع جمالا من محبتها
ويكتسي بهجـة مزهوة الحلل

تجلو الرياحين آلامًا تعاندها
ببسمة للفدى صيغت على خجل

كأن أفراحها سِرب يشاكسه
طيف من الوجد تواقٌ إلى الجدل

يلقي عليها شباكًا من شقاوته
ودمع وجنتها في رفة الوجل

لكن أجفانها حنت إلى قبس
يضيء شمعتها في عتمة السبل

أهدى الدعاء إليها طهر ديمته
فأشرقت زهرة في فسحة الأمـل

يهفو الحنان إلى وجدان صبوتها
معطرًا بالشذا من كرمة العسل

أعذاق بلسمها صلت ضفائرها
ترنو الطموح بلا وهن ولا خلل

كأن عيسى يداوي خفق رؤيتها
بهزةٍ صافحت إغفاءة النخِل

كأنها دوحة شماءُ ثابتةٌ
في حضنها جنة تزدان بالكلل

عصيةٌ عن بلوغ الأرب ما برحت
تخفي الشَكَايا على عهد من الأزل

الصبر في خافقيها وعد عافية
والحب يطفئ فيها جمرة العلل

إن تهزم الريح أركانًا لقوتها
فإن درع تقاها غيرُ منفعل

ما لان جانبها إلا لتمنحها
عين الإرادة سحرًا غير مكتحل

تاجًـا من العز يشدو فوق ناصية
مدادهـا الصدق من حيَ على العمل

فضي أنين الشجى ما دمت مشرقة
لا تنثري البؤس ريحانًا على الطلل

لا تنسجي ذكريات من مواجعنا
كي لا تحومَ على بساتننا الجزل

تسبيحك كالسواقي لا يبارحه
رحق الشفاء ليروي كف مبتهل

ما نورس الحب إذ لاحت بشائره
إلا فداك بقلب فاض بالأمل

فإن تخيرت بدرًا شع مشرقه
لا تقبلي عن صفاء الحب من بدل

لا تقبلي غير نور الشمس نافذة
لا تحملي في الحنايا برعم الأسل

قري عيونًا وطيبي أنفسًا جبلت
على المكارم ترجو فسحة الأمل


error: المحتوي محمي