الصحة النفسية مطلب يتنافس عليه الكثير من الناس لأنه طريق يصل بالإنسان إلى حالة نفسية مستقرة تخلو من الاضطرابات.
والصحة النفسية تكشف مدى مقدرة الإنسان على التكيّف مع الناس بمزاجية رائعة وإدارة متقنة للمخاوف التي تعطّل مسيرة الإنسان الأسرية والاجتماعية.
ومن رؤية ثاقبة لأهمية الصحة النفسية انطلقت مسيرة أصدقاء تعزيز الصحة النفسية بالقطيف ينشدون الأمان النفسي والتوازن العقلي، يحلقون بأنشطتهم القيمة ويطرقون أبوابنا المغلقة بديناميكية رشيقة، ينشرون رسائل الأمل ويجددون العهد بأمنيات تطال سقف السماء.
لقد نذروا أنفسهم لعمل سامٍ يحررون من خلاله الإنسان من نفسه المُتْعبة. إنهم يسقطون أحمالنا الثقيلة بكلماتهم الحانية، وينحتون الجمال إنسانًا طليقًا من أوهامه النفسية وخزعبلاته المريضة.
كانت رؤيتهم:
نشر الثقافة النفسية والاجتماعية في الوسط الاجتماعي برسالة سامية مفادها؛ تقديم تلك الثقافة عبر المحاضرات والندوات واللقاءات والكتيبات والنشرات ذات الجودة العالية، بالإضافة إلى تقديم استشارات إلكترونية عبر الإعلام الجديد بواسطة نخبة رائعة من المختصّين في علم النفس والاجتماع كخيار أفضل ومتقن في المجال النفسي والاجتماعي. كما تسعى المجموعة لتقديم فعاليات مستمرة تمنح المستفيدين فرصة التواصل والتفاعل مع الخبراء والمهنيين والاستفادة من خبراتهم وتجاربهم الحياتية.
كان لنا وقفة قيّمة مع الأستاذة (غالية الجمال) مشرفة مجموعة أصدقاء تعزيز الصحة النفسية تحدثنا عن أنشطتهم في منطقة العوامية خاصة والمنطقة عامة وتكشف لنا خطة سير المجموعة وانطلاقتها في سبيل تحقيق الأمان النفسي في المجتمع المحلي فدار بيننا هذا الحوار:
– متى كانت انطلاقة أصدقاء تعزيز الصحة النفسية؟
1436/7/25هـ.
– كيف كانت بداية المجموعة؟
كانت نقطة الانطلاق تكوين ملتقى نفسي اجتماعي تمّ تأسيسه على يد الأستاذ فيصل آل عجيان، والأستاذة غالية الجمال، واستمر إلى ما يقارب الأربع سنوات عملًا متواصلًا حتى تم ترسيم المجموعة وتغيير مسماها من الملتقى النفسي إلى مجموعة أصدقاء تعزيز الصحة النفسية.
– هل لديكم تصريح رسمي يسمح لكم بمزاولة عملكم في أي مكان؟
نعم لدينا تصريح رسمي من اللجنة الوطنية للصحة النفسية بالرياض التابعة لوزارة الصحة.
– من هم أعضاء المجموعة؟ وما مجالاتهم المهنية؟
فكرة التجمع المهني يعود الفضل فيها إلى أ. فيصل آل عجيان، وأ. غالية الجمال، ومجموعة من الزملاء باختلاف تخصصاتهم وهي فكرة نتجت عن حس إنساني بمعاناة الناس المختلفة؛ لذا تم إنشاء المجموعة تحت مظلة اللجنة الوطنية لتعزيز الصحة النفسية – الرياض.
وتضم المجموعة نخبة من الأطباء والمختصين في المعالجات النفسية والسلوكية والأسرية وصعوبات التعلم والتربوية والتوحد وفرط النشاط الحركي ومجالات أخرى متعددة.
– ما مفهوم الصحّة النفسية من منظور المجموعة؟
مفهوم الصحة النفسية:
هي حالة من التوازن النفسي والتوافق والإحساس بالقناعة والرضا والسعادة والقدرة على الاندماج الاجتماعي وخلق التوازن بين أنشطة الحياة المختلفة والمهارة في حل المشكلات والتكيف معها بشكل نسبي مع المقدرة التامة على التعايش السلمي مع الذات والآخرين في ظل بيئة تتسم بالاعتدال.
– هل تحصر المجموعةخدماتها في المجال العيادي النفسي؟
لا تحصر المجموعة خدماتها في المجال العيادي بل تسعى لإشاعة الثقافة النفسية في المنظمات وفي الأسرة وفي الفن والأدب وفي جميع نواحي الحياة؛ كما تضم نخبة من المختصين والإعلاميين والنشطاء من تخصصات مختلفة كاللغة العربية والإحصاء والإدارة وغيرها.
– هل للصحة النفسية دور في إطالة عمر الإنسان؟
الصحة النفسية هي محرك غير مباشر لكيان الإنسان ولها من القدرة الفائقة على التأثير على الحالة العضوية لجسم الإنسان فهي تؤثر إذا ساءت سلبًا على حموضة المعدة والقلب والإنجاب و.. و.. و.. و.. إلخ.
وتعتبر الصحة النفسية مكوّنا مهمًا في الصحة العامة للإنسان ولها دور في المرض والشفاء.
– ما أبرز المشكلات النفسية التي يعاني منها مجتمعنا؟
مجتمعنا كأي من المجتمعات البشرية يتعرض لإشكاليات نفسية سواء مرتبطة بمشكلات أو اعتلالات، وأكثر الأمراض النفسية المنتشرة هي القلق عند الرجال والاكتئاب عند النساء ومشاكل الأطفال والمراهقين والمشكلات الزوجية والعنف الأسري المسبب لمعاناة نفسية كبرى.
– هل لاقت أنشطة المجموعة صدى مسموعًا بين الناس؟ وكيف كان ذلك؟
نعم.. وذلك بانعقاد المحاضرات النفسية المختلفة أو بالقدوم للعيادة وطلب الاستشارات والمساعدة في العلاج.
– هل تتحول المشكلات النفسية إلى أمراض نفسية يصعب علاجها في حال إهمالها؟
قوة التحمّل، وخبرات الإنسان، ومدى إيجابية البيئة المحيطة به جزء مهم في القدرة على تحمل الأزمات، كما أن الجانب الفكري والثقافي ومرونة الشخصية والعوامل الوراثية والصحة العامة تمنع من تحول المشكلات النفسية إلى مرض نفسي.. ولابد من التفريق هنا بين المرض النفسي والمرض العقلي.
ولا ننكر أهمية طلب الاستشارات النفسية والزوجية والأسرية والصحية للوصول إلى حالة من الفهم والتي تساعد على التكيف والتوافق والانسجام.
كما أن صعوبة العلاج تعتمد على؛ شدة المرض وتعقّد الأعراض والمدّة الزمنية للأعراض، وللعمر والعامل الوراثي دورهما المهم في المرض النفسي والتشخيص المبكر والعلاج.. هذا فضلًا عن القدرة العقلية للمريض وتعاون الأسرة والانفتاح الفكري والثقافة العامة والمرونة الشخصية للمريض نفسه.
– قدّمت المجموعة عددًا من ورش العمل التثقيفية والمحاضرات التوعوية في قاعة الحوراء التابعة لجمعية العوامية الخيرية للخدمات الاجتماعية؛ فكيف كان أثرها على مجتمع مثل مجتمع العوامية الذي عُرف بمستواه المعرفي والعلمي المتميز؟
كان لها أثر كبير؛ حيث تمّ علاج بعض حالات من الأطفال المتضررين نفسيًا، وذلك بالإضافة إلى الأعداد الكبيرة التي تحضر المحاضرات المنعقدة في صالة الحوراء، وسيل الاستشارات بالمركز مما يعد دليلًا على أثرها الإيجابي في المنطقة.
ما مفهومك للعمل التطوعي وأنتم جماعة تطوعية لها بصمتها البارزة في معظم أنحاء القطيف؟
زكاة العلم نشره والعمل التطوعي على مستوى المجموعة هو عمل مهني إنساني متصل بحاجات إنسانية حياتية لها بعدها الاجتماعي والثقافي.
وله دوره في إعادة الإنسان المريض إلى فاعليته الإيجابية بالمجتمع فتعلو إنتاجيته ويساهم في إثراء مجتمعه.
وهذا هو دور المجموعة ذاته؛ نشر الثقافة النفسية ضمن معايير مهنية علمية اجتماعية وطنية ودينية وأخلاقية بأسلوب مؤسساتي.
ما أجمل رسالة إنسانية تقدمينها لأسرة المريض النفسي؟
الدعم المعنوي والمساندة وتقديم الدعم الاجتماعي والنفسي لإعادة تكيّفه، وبرمجة وضعه الأسري مجددًا.
وبكل فخر واعتزاز نقدّم باقات الشكر وجميع كلمات التقدير والثناء التي لا تفي بحق مجموعة أصدقاء الصحة النفسية ونحن نبصر مشاهدهم الإنسانية المتكررة والتي تضج بعطائهم. راجين من المولى عزّ وجل أن يمدهم قوة ويزيدهم تألّقًا ويجعل ما يقومون به ذخرًا لهم في آخرتهم ودنياهم.