سوفَ نعبرُ بسلام..

في كل أزمة اختلاف ينشطر مجتمعنا إلى شطرين حادَّي التصلب، وكأنها الفرصة لصراع ما انفك الطرفان يخوضانه من أجل نيل الغلبة وتغليب الرأي مهما كانت النتائج، مما يسبب تجذر الخلاف وانشطار المجتمع، حتى وصل ذلك إلى الكراهية، فالعداوة ، فالتسقيط، وغدا المجتمع يتجه نحو التآكل والضعف، في صراع ضياع لا طائل منه ولا نتيجة.

علينا تدارك الأمر، والإحساس بالمسؤولية التي هي على عواتقنا جميعاً، فليس من المصلحة أبداً أن تبرز هذه التجاذبات السلبية في كل فرصة تناسب هؤلاء أو تتوافق مع أولئك، في الوقت الذي باتت فيه الأزمات شرسة في كثير من الأحيان.

نعم هناك اختلاف في القناعات والمسلمات، والاتجاهات اتفقنا معها أو اختلفنا، وهناك بون شاسع بين بعض الأطراف، ولكن لابد أن نضع خطوطاً حمراء، وأن نتفق على المسلمات العامة باحترام بعضنا وهويتنا، والتي هي من مصلحة وحدة مجتمعنا، لا أن تتحكم فينا الأنانية، وتفرقنا الأهواء الفردية والجماعية دون وعي وحكمة وبتعنت فكري، ومكابرة سلبية، وعناد جهول.

لدينا أعراف ومثل راسخة، كما أنه يديرنا شرع إلهي، وقوانين عاقلة ورصينة، وأيضاً وأولاً وأخيراً لدينا تاريخ قائم على توارث الأصالة في ديناميكية متماهية مع التغيير مع الحفاظ على الهوية مهما تداخلت بعض الإحداثيات سواء ظننا سلبيتها أو إيجابيتها، ففي المحصل لن يصح سوى الصحيح، ولن يستطيع القبيح غلبة الحسن، فالعقول تلفظ والقلوب ترفض ما لا يتماهى مع ما جبلت عليه، وهو الحق والذي رسخته السماء، ولن تقهر على ما لا تطيق، ولأننا جبلنا في مجتمعنا على السلوك القويم في غالبه، وتربينا على منهج لابد أن ينبهنا حسياً وشعورياً على أن الخطأ بيِّن والصواب بيِّن، والضمائر الحيَّة ميزانها الحقيقة واليقين، ولن تمتطي المعوج مهما تشيطنت التفرقة، وتصلبت العداوة.

لا حرية مطلقة ولا رجعية دائمة، ولقد مرت على المجتمع حالات كثيرة قلبتنا فيها طويلًا بين يأس وخوف وانحدار، ثم عادت واستوت مستقيمة وقويمة، ولن تطول حالة الشذوذ والشرود بين كلا الأطراف، وستنقطع أنفاسهم لتبقى الحقيقة، ويتغلب الواقع، الذي يقول إن الحق باقٍ والباطل زاهق – بإذن الله عز وجل -، وسوف نعبر الأزمة بسلام.


error: المحتوي محمي