تجنب الإساءة والتشهير

أفرد القرآن الكريم سورة كاملة لإبراز حالة واقعة عظيمة في تأثيرها على حياة الإنسان وطبيعته؛ ألا وهي (الطلاق).

وقد جاء عن النبي (ص): “ما من شيء أبغض إلى الله عز وجل من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة”.

وعن الإمام الصادق (ع): “ما من شيء مما أحله الله عز وجل أبغض إليه من الطلاق وإن الله يبغض المطلاق الذواق”…

ولكن…

الطلاق أحيانًا يكون ضرورة اجتماعية ووجوده في الإسلام ميزة من مميزاته، فحين منعته المسيحية وأجبرت الطرفين على الحياة معًا خلقت بذلك مشاكل مؤسفة ومرعبة، وعندما يكون أحد الطرفين لا يرغب في الحياة مع الطرف الآخر فما الداعي للإصرار على استمرارهما؟ وأي موجب لعيش الطرفين معًا؟ ومن أين لنا أن نعلم أن الطرفين إذا تزوج كل منهما فيما بعد لا يحققان السعادة؟

إن إجبارالشخص على إدامة حياة كلها نكد هو ظلم صريح وليس هناك أي عاقل يقبل بإجبار نفسه على الارتباط مع آخر يتعرض معه للإهانة والعذاب وتقبل الحرمان!

كما أن لكل شيء في هذه الحياة نظامًا معينًا وثقافة خاصة فكذلك الأمر بالنسبة للطلاق بحيث يجب إخضاعه لثقافة خاصة تبتعد به عن المألوف العرفي الذي يتحرك غالبًا في دائرة الجهل والتخلف ويجعل من الطلاق مشكلة متفاقمة، في الوقت الذي نفهم فيه الطلاق حلًا شرعيًا ومخرجًا منطقيًا من أسر الشراكة الزوجية الفاشلة والتي قامت على أعمدة متزلزلة، وفي الوقت الذي يشرع فيه الإسلام الطلاق بعد استنفاذ كل تدابير المصالحة فإنه يوصي الزوجين بالمحافظة على السر الزوجي وأن يحافظا على العلاقة الطيبة بعد الطلاق لما في ذلك من مصلحة كبيرة للأطفال حيث إن استمرار هذه العلاقة يخفف من وطأة الانفصال الزوجي على الأطفال ويسمح بشكل ما بالتواصل الأسري، إن الإسلام يؤكد على ضرورة رعاية المصلحة العليا للأطفال وذلك من خلال الحفاظ على الصورة الحسنة للأب والأم التي تحفظ لهما دورهما ومكانتهما في نفوس أطفالهما، لذا كان على الشريكين أن يتجنبا الإساءة والتشهير المتبادل أمام أطفالهم، بل على العكس من ذلك يجب أن يتعاونا على معالجة قضاياهم وحل مشاكلهم وأن يسعى كل واحد منهما إلى إعطاء القدر الأكبر من الحب والعاطفة والرعاية للأطفال حتى لا يشعروا بالنقص والحرمان الطارئ على حياتهم بعد الطلاق، ولا بد لنا هنا أن نحذّر كلًا من الأب والأم من اتخاذ الأطفال وسيلة ضغط أو سلاحًا في مواجهة الآخر، لأن هذا السلوك يترك آثارًا خطيرة على الأطفال تمتد معهم إلى فترات طويلة من أعمارهم في المستقبل.


error: المحتوي محمي