بين نظام أبشر ونظام أسكت..

قدمت مادة في مهارات الاتصال خلال الأسبوع الماضي لمنسوبي إحدى الشركات الخاصة الناشئة، وشعرت بشىء من الزهو والفخر والانتصار الشخصي عندما قامت إحدى المشاركات في الورشة التدريبية – وهي الأكثر خجلًا وترددًا والتي لا تكاد تسمع صوتها عند أي مداخلة لها – بالمبادرة وبكل ثقة بطلب تقديم بعض شرائح العرض قبل نهاية الورشة وبعد عدد من التمارين؛ لتبدو بشخصية أخرى واثقة غير تلك التي دخلت بها الورشة التدريبية.

أحببت ذكر هذا المثال للتدليل على أن الشركات الخاصة وحتى الناشئة منها، لديها اهتمام كبير بخدمة العملاء من خلال تطوير منسوبيها وزرع المفاهيم الحديثة لمفهوم خدمة العميل، بالرغم من أن الشركات حتى الكبيرة منها تمر الآن في فترة جعلتها تقلص ميزانيات للتدريب بنسب كبيرة.

على مستوى القطاع العام هناك مثال متقدم جدًا في خدمة العملاء يستحق تكرار الذكر والثناء وهو بوابة (أبشر) التابعة لوزارة الداخلية، فقد حققت هذه المنصة الكثير من المفاهيم الحديثة لخدمة المستفيدين، فقد رفعت هذه المنصة مستوى وعي وتجربة وتوقعات المستفيدين، والأجمل أننا نرى التطوير والابتكار المستمر لهذه المنصة التي يحق لنا كسعوديين أن نفخر بهذا المنجز، والذي نأمل أن يصل إلى مرحلة تتولي جهة حكومية أخرى مختصة مسؤولية إدارة وتطوير هذه المنصة لتشمل جميع الخدمات المقدمة للجمهور، وبحكم تجربة شخصية سابقة أستطيع تخيل حجم الجهد الكبير الذي بُذل في تصميم وتطوير هذه المنصة بشكلها الحالي، فهو نظام يقول لك فعلاً أبشر.

لكن، هناك جانب مظلم -وللأسف- مازال موجودًا في بعض الأجهزة، فمن خلال الأداء المتواضع لبعض هذه الأجهزة يُخيل إليك – من خلال سكوتها ورضاها عن أدائها المتواضع – أنها تستمتع بإجراءاتها المعقدة وبرؤية طوابير المراجعين أمام مختلف إداراتها، فيضطر المراجع أن يلتحق بطابور أو أكثر لإنجاز أو متابعة معاملة واحدة.

إنها تدور في حلقة مفرغة، فكل ما حققته هذه الأجهزة هو فقط تنظيم الطابور وآليته ولم يتجاوز هذا الهامش الضيق، لينطلق إلى مستويات ومفاهيم حديثة أرقى في تقديم الخدمة.

إننا نرى الحركة التطويرية الكبيرة التي تشهدها بلادنا أفقها عنان السماء، لكننا هنا مازلنا في مستوى نتوسل فيه أبسط الأمور وندور حول دائرة تطويرية مازالت ضيقة على مستوى الفكرة وأكثر على مستوى التطبيق، ولا تعكس رؤية وواقع المملكة؛ لذا أدعو قادة هذه الأجهزة المختلفة التي تعاني ويعاني مراجعوها أيضًا من طول وتعقيد الإجراءات غير المبرر وطول طوابير المراجعين تبعًا لذلك بمختلف الأشكال، إلى عدم السكوت والقبول بهذا الخلل، فهذا ليس قدرًا، فكل ما يحتاجه هو إرادة للتغيير وعمل بالاتجاه الصحيح كي تكون تلك الأجهزة مؤهلة للالتحاق بركب الرؤية.


error: المحتوي محمي