رجال الله

يسعى صفوة الناس لغرس السعادة في قلوب الآخرين بلا مقابل، باذلين أموالهم، وأوقاتهم، وسعادتهم في سبيل ذلك.

هم كالنحل أينما حلّوا حل الخير، عطاءاتهم بلا حدود، تراهم في الأزمات سادة، وفي المهمات قادة، إن ذكر الخير قُرن بهم، وإن ذكرت التضحيات كانوا أعنتها، سباقون للفضيلة، وساعون للكمال.

تفكيرهم المنظم، وتخطيطهم الصحيح، وعزيمتهم اللامحدودة، وإرادتهم القوية، وثقتهم بأنفسهم، وحبهم للكمال الإنساني المتوج بالإخلاص لله والتوكل عليه جعلهم يخترقون الحجب، ويبلغون السؤل بنفوس مطمئنة وفي العديد من المجالات.

لولا الخيرون من رجالات المجتمع في اللجان الخيرية الرسمية وغير الرسمية؛ لأصبحت المجتمعات كالغابات القاحلة للحس الإنساني الذي أرادته السماء.

إن صفوة الصفوة في المجتمعات هم الخيرون المضحون الخادمون للناس قربة لله تعالى، إن قيمة الإنسان بعطائه فحسب؛ ومن لا عطاء له لا قيمة له.

عطاءاتهم المعنوية غرست الأسس الصحيحة، ونظمت الخطى للعطاءات المادية؛ وبهما تحققت الأمنيات.

إن رجالات المجتمع تراهم صباح مساء في الجمعيات الخيرية، والأندية، والمراكز التعليمية، والمواكب، والمساجد، والحسينيات وغيرها، لا هدف لديهم هناك إلا خدمة مجتمعاتهم لتكون في مقدمة الأمم لتحقق رسالاتها بالوجه الأكمل.

تستحق هذه الصفوة أن تكون الواجهة الفعلية لمجتمعاتها، وقادتها، وساداتها، وأهل الحل والعقد فيها، تستحق أن تعامل بإجلال، وأن تكرم في الحضور والغياب، نقرّ لهم بالفضل، ونعترف لهم بالجميل، ليتوهجوا شموسًا تنير حياة البشرية.

كل ذلك لا يعني أننا ننفي وجود أخطاء عفوية تبدر منهم، كما أننا لا ننفي وجود من ليس جديرًا بالثقة فيهم؛ غير أنهم قلة في أغلب الأحوال.

مازال الخير هو الأعم بين الناس، ومازال الخيرون هم الأكثرية، ومازال الدين، والفضيلة، والخلق الحسن يسود المجتمعات المحمدية.

من المؤلم أن خدماتهم العظمى تلك تكون مقابل صحتهم وحياتهم الخاصة ومقامهم الاجتماعي.

حين يكون هؤلاء القادة أهدافًا ترمى من كل متردية ونطيحة نقول على الدنيا السلام.

نحن نؤمن تمامًا بالنقد، وبآثاره العظمى في التطور، والارتقاء؛ ولكن شريطة أن يكون وفق أسسه المنطقية الواضحة، أما نسف التاريخ المشرق أو إسقاطه، أو تسفيهه، أو التركيز على العثرات؛ ما هو إلا مرض أصاب بعض القلوب، أو جهل أصاب بعض العقول فأهلك الخير وأهله.

لا أحد – سوى المعصوم – خارج دائرة النقد؛ ولكن بالآليات والاستراتيجيات العلمية الموضوعية.

أما التسقيط، والقذف، ونكران الجميل، وتشويه السمعة، وحرف البوصلة، ومواصلة الضغوطات، ونشر العثرات؛ ما هو إلا انعكاس لظلام قلوب هؤلاء المرضى المنتقدون فضلًا عن جهلهم المركب.

نحن نؤمن بالتغيير، والتطوير، والنقد البناء الصادر عن منطق عقلائي مدروس، وبعد إلمام شامل ودقيق، لا يشخصن الظروف أو الأحداث، ونعتبر ما زاد عنه غثاء ينبغي أن يُرمى في سلة المهملات.

سيروا أيها الخيرون تحفكم أجنحة الملائكة، وتظللكم سحائب الرحمة، وتشملكم عناية الله.

طبتم، وطاب عطاؤكم.


error: المحتوي محمي