الإنسان لا يموت مرة واحدة!

الصحة تاج فوق رؤوسنا، والعافية هي السبب في تحقيق جميع متطلباتنا، فالحمد لله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على سيد خلق الله أجمعين كم من مرة سمعنا هذا المثل يضرب لنا ونحن صغار.. فلا نكاد نفقه ما يريد الآخرون أن يقولوه لنا.. هل يقصد بذلك أن جميع الناس الأصحاء يرتدون تيجانًا فوق رؤوسهم؟ لكننا لا نراها. لأننا لسنا مرضى وحدهم المرضى يستطيعون أن يروا تلك التيجان.. ويروا هل هي جميلة أم لا؟..

وحدهم المرضى من كنا نظن أنهم يتمتعون بهذه الخاصية السحرية التي تجعلهم يرون ما لا يراه الآخرون..

الإنسان الذي يتمتع بصحة جيدة، يستطيع أن يمارس حياته بشكل طبيعي، ويمارس كل الأعمال والمهام المطلوبة منه بكل سهولة، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم بالمحافظة على الصحة حيث قال المصطفي عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام: ” إن لربك عليك حق، وإن لبدنك عليك حق”.

يعتقد البعض أن الإنسان يموت مرة واحدة فى حياته، لكن الدكتور جون ليتش، الباحث فى جامعة بورتسموث البريطانية، كشف من خلال دراسة علمية حديثة له أن الإنسان لا يموت مرة واحدة كما هو متعارف، لكن يتوفى فى كل وقت وحين، بسبب الظروف المحيطة وهو ما أطلق عليه “الوفاة النفسية”.

والمرض انهزام للنفس والبدن معًا، فعندما تعتل الصحة ويشعر الإنسان بالوهن والضعف وعدم القدرة على مواصلة الحياة إلا بمساعدة الآخرين وقتها يشعر بالعجز وهو ما يولد آلامًا نفسية تجعل المريض في حالة من الضعف الإنساني التي لا يداويها إلا قلوب المحبين الذين يحيطونه بالرعاية والاهتمام، وهنا يتأكد المرء منا من طيب ما غرست يداه إن كان خيرًا أم لا فالالتفاف حوله لهو خير برهان على أنه يحظى بمساحة من الأهمية في نفوس أهله وأصدقائه وزملائه؛ الأمر الذي يعضد من نفسية المريض ويمدها بمزيد من القوة التي تدفعه لمقاومة المرض. وبالتأكيد فإن العكس ما يحدث عندما يعاني المريض تجاهلًا ولامبالاة من حوله.

أشار ليتش، أن ظاهرة “الوفاة النفسية” تحدث عندما يصاب شخص ما بصدمة يشعر من بعدها أنه لا يستطيع الهرب، مما يجعل الموت يبدو كخياره الوحيد، نافيًا أن الموت النفسى مرتبطة بالاكتئاب والانتحار، مؤكدًا أن التدهور النفسى يمكن أن ينشأ من خلل فى الدائرة الحزامية الأمامية في الدماغ بسبب الصدمة الشديدة، وهذا الجزء من الدماغ يتحكم في كيفية احتفاظ الإنسان بسلوك موجه نحو الهدف.

في هذه المرحلة يصبح المريض غير قادر على تحريك عضلات جسمه طواعية، ويُشبه ليتش هذه الحالة بمرض باركنسون الذي يفقد الإنسان القدرة على تحريك عضلاته، وبالمثل، فإن وصول الإنسان إلى مرحلة يفقد معها قدرته على التحكم بعضلاته النفسية، فإن ذلك إحدى علامات الوفاة النفسية.

الموت النفسي أشد مرارة وألماً من الموت الموارى تحت التراب.

فها هو جبران خليل جبران يقول:

ما زلت أؤمن أن الإنسان لا يموت دفعة واحدة وإنما يموت بطريقة الأجزاء كلما رحل صديق مات جزء وكلما غادرنا حبيب مات جزء وكلما قُتل حلم من أحلامنا مات جزء فيأتي الموت الأكبر ليجد كل الأجزاء ميتة فيحملها ويرحل.

والحمد لله أن جون ليتش أكد في دراسته أنه من الممكن إنقاذ المريض من “الوفاة النفسية” خلال أي من مراحل تقلباته النفسية؛ وذلك بحثّه على القيام بنشاط بدني، ومساعدته على استعادة الإحساس بالسيطرة على حياته من جديد.


error: المحتوي محمي