مقلبني وأمقلبك

تسهم الصداقة في بناء علاقات اجتماعية بعيدة عن أواصر الدم أو القرابة، فتكون متحررة من المصالح، ويكون الصديق متنفسًا لبث الهموم والمشاكل والمشاغل، وحتى الطموحات وتقاسم مشاعر الفرح، وتزيد روابط الصداقة كلما كان الحب صادقًا، والإخلاص الذي يعتبر أحد المبادئ الأساسية التي تبنى عليها علاقات الصداقة.

فدائمًا ما نجد الأصدقاء يقومون بتنفيذ المقالب لبعضهم البعض، والتي تهدف إلى إضافة القليل من المرح للأوقات التي يقضونها معًا.

هناك مقالب خفيفة تتميز بدعابة ترفيهية لا يوجد بها أذى، لكن النوع الآخر سيئ لما يتميز به من جرح مشاعر وإيذاء الآخرين.

ويؤكد عدد من خبراء الصحة النفسية أن المقالب تعتبر من التصرفات التي تؤدي للأذى النفسي إذا زادت عن حدها، وخرجت عن سياق المزحة الخفيفة مثل (إخفاء طفل عن والدته حتى تظن أنه خطف ويتم إبلاغ الجهات الأمنية، إخفاء الملابس أثناء الاستحمام في منتجع، إبلاغ الزوجة أن زوجها تزوج عليها، والأدهى؛ عريس سعيد ومبتهج في ليلة زفافه بعدما انتهى الحفل ذهب لبيته مع عروسته في ليلة العمر، وصلتهم السيارة للبيت ويوم حاول يفتح باب شقته، حاول وحاول لكن لم يستطع المفتاح أن يفتح الباب وعروسته واقفة وراءه، مرّت خمس دقايق وعشرة والعرق بدأ يتصبب منه، لا يعلم ماذا حدث في “كيلون” الباب، بعد نصف ساعة من المحاولات اتصل على أخيه لأجل الاتصال بنجار لكن من المستحيل أن يلقى أحدًا الساعة 3 الفجر، أخيرًا قرر هو وأخوه كسر باب الشقة، وبعد عدة محاولات كسروا الباب.

ودخلوا شقتهم وبابها مكسور وخربت عليه الليلة، وبعد صلاة الفجر ذهب يفتش عن فندق ليناموا فيه حتى يتم إصلاح الباب، بعد كم يوم اكتشف أن أحد زملائه كسر عود كبريت داخل فتحة المفتاح، وقال: أنا أمزح!!!

ترى الدكتورة ألفت علام، استشارية العلاج النفسي والإدمان، أن لفت الانتباه هو أحد أسباب القيام بالمقالب التي تكون أكثر شيوعًا بين الأطفال، حيث تتميز بالمشاكسة والمداعبة والبراءة أيضًا، لكنها أحيانًا قد ترتبط بالسمات الشخصية للطفل، فليس كل طفل يحب المقالب.

وتضيف أن “الطفل الذي يقوم بعمل المقالب مع أصدقائه يكون غير قادر على أخذ حقه، فيلجأ للمقلب كوسيلة غير مباشرة للرد على إساءة أحد أصدقائه أو التعبير عن الغضب”، وأحيانًا تكون المقالب بين الأطفال ظريفة حسب شخصية الطفل والموقف، لأنه يكون لطيفًا لو حدث بشكل تلقائي حسب الموقف، فمثلًا لو قام أحدهم في جو احتفالي بمقلب خفيف مضحك فلا بأس، لكن الخطورة تكمن فيما لو أصبح المقلب خارجًا عن المألوف، وما أشيع بين الناس مقلبني وأمقلبك عند الكبار والصغار، وانتشر ت عبر وسائل الإعلام برامج مقالب متعددة الأسماء كانت محفزة للأطفال واليافعين قليلي العقل لتقليدها.

وتأثير البرامج خطير جدًا على الأطفال واليافعين، فهم لا يدركون مدى خطورة الموقف فربما يحاولون تجربة تلك المقالب مع أصدقائهم أو أنفسهم، إن برامج مقالب التليفزيون لها تأثير خطير على الأطفال، فهم “ينجذبون للإثارة والمغامرة والموسيقى التصويرية بالإضافة للإتقان الشديد لتلك المقالب، ولكن يجب على الأب والأم التأكيد للطفل بأن كل ما يشاهدونه ما هو إلا تمثيل متقن.

وما يلفت النظر المقالب بين الزوجين أن الأمر يختلف هنا لأن هذه العلاقة طويلة وعميقة، حيث يعرف كل طرف تمامًا ما يضايق الآخر، ولكن لا يجوز أن يكون المقلب هو الوسيلة الوحيدة للتعبير عن المرح أو التسلية، كما أن نوع المقلب يختلف، فمثلًا مقالب الزوج أو الزوجة للفت الانتباه وإشعال نار الغيرة والحب كلها تؤدي إلى وقوع مشاكل بين الزوجين، والمقالب عند الكبار تكون مدروسة ومخططة وتشبع عدة دوافع مثل الانتقام من شخص أو التخطيط مثلًا لإفشال علاقة بين حبيبين، أما عند الصغار فيكون الوضع مختلفًا، حيث يقومون بها بشكل عفوي بريء، المهم أنكم تفهمون أن الشخص لا يحاول يخفف دمه بمقالب ومزحات ثقيلة، ممكن مزحة تكلف حياة إنسان.

فما هي ردة فعلكم لذلك الموقف؟ وكيف تتصرفون ساعتها؟ وما هي ضوابط المزاح من وجهة نظركم ليكون مزاحًا إيجابيًا؟

وفي النهاية هناك العديد من النماذج التي حدثت بالفعل من “مقالب الأصدقاء” وأدت إلى وفاة أحدهم أو تعرضهم للكوارث وحوادث نفسية واجتماعية ومعنوية أثرت سلبًا عليهم، فيجب البعد تمامًا عن هذه المقالب والتعامل مع الأصدقاء بنوع من الإنسانية.


error: المحتوي محمي