لا أحد يمكنه أن ينكر تعقيدات الحياة وصعوبة توفير مستلزماتها لمعيشة كريمة مطمئنة لا يساورنا فيها القلق ومعانقة الهموم المستعصية، فما يواجهه الفرد اليوم من مشاكل وتحديات في مقعده الجامعي والمقر الوظيفي المناسب الذي يجد نفسه فيه، ويسعى فيه للتقدم والإبداع والإنتاجية ليس من السهل الظفر به، والعلاقات الاجتماعية بالأمس لم تكن تحتاج لتهيئة كبيرة ونباهة في حسن الاختيار والتوظيف في سبيل تحصيل الأمان وصناعة السعادة، أما اليوم فهناك من العقبات والضغوط الشيء الكثير، والذي يحتاج الشباب لدورات تثقيفية تتعلق بكيفية مواجهة التحديات بكل اقتدار، ومعالجة الأزمات بطريقة عقلانية تتسم بالحكمة والهدوء.
والعلاقات الزوجية تواجه من المنغصات ما فرضه الواقع المعاصر بكل تشعباته، فلا يمكن الاستظلال بالعش الزوجي الهانئ المستقر إلا وسط عقلية تتجنب عوامل التوتير، وتقدر المردودات السلبية للعناد والتعالي وتأجيج الخلافات بعيدًا عن لغة الحوار والجفاف العاطفي والتشاغل عن شريك الحياة.
يبدأ الشعور بالأمان والسعادة من أنفسنا المتصالحة والواثقة مما تتمتع به من قدرات، وليس من العوامل الخارجية كالأصدقاء الرائعين والمال والزوجة الصالحة، فلو كنا نتصف بالسلبيات كالأنانية أو البخل أو الغيرة الزائدة أو الظنون السيئة أو الحسد أو غيرها؛ هل يمكننا الشعور بالسعادة مع أناس متألقين لا يلقون منا ما يناسبهم ويستحقونه من الوفاء معه؟
الجمال يشع من عينك الباحثة عما يسعدها ويشرق فيها بارقة الأمل والطموح، فلا تحرم نفسك من نظرة متأمل لآيات الله (عز وجل) المبثوثة من حولك، تأمل أشعة الشمس الذهبية وهي تتسلل للأرض فتستبدل ظلامها بإطلالة حنونة دافئة، واجعل من لسانك همسًا رقيقًا، ومن قلبك شعورًا بوجود الآخر فتمنحه الاحترام، ومن قدراتك منطلقًا لتحقيق وجودك المناسب لطموحك الذي لا يتوقف أبدًا.
لا تجعل من قلبك قطعة إسفنج تتشرب كل ما يواجهك من احتكاكات يومية وإخفاق أو مشكلة ما، بل كن كالماء المندفع بقوة لا يقف بوجهه أي شائبة، ولا ندعي أن ذلك من السهولة بمكان، ولكن معرفتنا بالآثار السلبية لاختزال الهموم والآلام، وتحولها إلى ثقل كبير يكبل همتنا عن الانطلاق في ميدان العمل المثابر، يدعونا إلى البحث عن الطرق المعينة لاستعادة التوازن الفكري والانفعالي والعاطفي، وليس هناك من وسيلة أفضل من المكوث مع كتاب الله تعالى أو الوقوف في محراب العبادة، والفضفضة وبث الهموم أمام صديق مخلص وزوجة رائعة يزيح عنا الأحزان ويفتح أفق عقولنا نحو التطنيش للصغائر.
وسعينا لتنمية المدارك الفكرية من خلال قراءة الكتاب أو الاستماع لمحدث مثقف ينعش الروح، وتحقيق أي إنجاز يعد إضافة ليومنا الحاضر يحلق بنا نحو قمة النجاح، فسعادتك متعلقة بكل جديد لم يكن موجودًا بالأمس، ولا تسمح لشخص أو حدث أن يسرق منك وقتك وأحلامك.